التفاسير

< >
عرض

وَقَالُوۤاْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ
٢٩
وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ
٣٠
قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يٰحَسْرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ
٣١
-الأنعام

بحر العلوم

قوله تعالى: { وَقَالُوۤاْ: إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا } يعني ما هي إلا آجالنا تنقضي في الدنيا، فيموت الآباء، ويجيء الأبناء { وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } بعد الموت فيبين الله تعالى حالهم يومئذ فقال: { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ } يعني عرضوا وسيقوا وحبسوا { عَلَىٰ رَبِّهِمْ } يعني عند ربهم وعند عذاب ربهم { قَالَ: أَلَيْسَ هَـٰذَا } يعني العذاب والبعث { بِٱلْحَقِّ قَالُواْ: بَلَىٰ وَرَبّنَا } أقروا في وقت لا ينفعهم الإقرار { قَالَ: فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } به وتجحدونه. قوله تعالى: { قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاءِ ٱللَّهِ } يعني غبن الذين جحدوا بالله وبالبعث حين اختاروا العقوبة على الثواب { حَتَّىٰ إِذَا جَاءتْهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً } يعني فجأة ومعناه أنهم جحدوا وثبتوا على جحودهم حتى إذا جاءتهم القيامة { قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا } يعني يا ندامتنا وخزينا والعرب إذا اجتهدت في المبالغة في الإخبار عن أمر عظيم تقع فيه جعلته نداء كقوله: { يَا حَسْرَتَنَا } و { يٰوَيْلَتَنَا } [الكهف: 49] و (يا ندامتنا) { عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا } يعني ضيعنا وتركنا العمل { فِيهَا } يعني في الدنيا من عمل الآخرة { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ } يعني آثامهم { عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ } يعني إنهم يحملون آثامهم. وروى أسباط عن السدي قال: ليس من رجل ظالم يدخل قبره إلا آتاه ملك قبيح الوجه، أسود اللون. منتن الريح عليه ثياب دنسة فإذا رآه قال: ما أقبح وجهك فيقول: كذلك كان عملك قبيحاً فيقول: ما أنتن ريحك فيقول: كذلك كان عملك منتناً فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا عملك. فيكون معه في قبره فإذا بعث يوم القيامة قال له إني كنت أحملك في الدنيا باللذات والشهوات فأنت اليوم تحملني. فيركب على ظهره حتى يدخله النار قال: وذلك قوله: { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ } وذلك على سبيل المجاز يعني يحملون وبال ذلك [على ظهورهم] وعقوبته ويقال: وقرت ظهورهم من الآثام ثقلت وحملت وأصل الوزر في اللغة: هو الثقل. ثم قال: { أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ } يعني يحملون.