التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّٰكُم بِٱلَّيلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٦٠
-الأنعام

بحر العلوم

قوله تعالى: { وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّـٰكُم بِٱلَّيْلِ } يعني يقبض أرواحكم في منامكم { وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم } يعني ما كسبتم من خير أو شر { بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ } يعني من النوم في النهار، ويرد إليكم أرواحكم { لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مّسَمًّى } يعني ليتم أجلكم وتأكلون رزقكم إلى آخر العمر. قال بعضهم: إذا نام الإنسان تخرج منه روحه كما روي في الخبر "الأرواح جنود مُجَنَّدَة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف" يعني الأرواح إذا تعارفت وقعت الألفة بين الأبدان وإذا لم تتعارف الأرواح تناكرت الأبدان. وقال: إن الروح إذا خرجت في المنام من البدن يبقى فيه الحياة فلهذا تكون فيه الحركة والنفس، وإذا انقضى عمره خرجت روحه وتنقطع حياته وصار ميتاً لا يتحرك ولا يتنفس. فإن قيل: لو خرجت روحه فكيف لا يتوجع لخروجه إذا نام. قيل: لأنه يخرج بطيبة نفسه ويعلم أنه يعود، وأما إذا انقطع عمره خرج بالكره، فتوجع له، وقال بعضهم: لا تخرج منه الروح ولكن يخرج منه الذهن وهو الذي يسمى بالفارسية: (روان). وقال بعضهم: إنما هو ثقل يدخل في نفسه وهو سبب لراحة البدن وغذائه، كقوله: { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } [النبأ: 9] أي: راحة ويقال: هذا أمر لا يعرف حقيقته إلا الله تعالى. وهذا أصح الأقاويل. وقوله تعالى { ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ } يعني مصيركم في الآخرة { ثُمَّ يُنَبّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }. من خير أو شر فيجازيكم بذلك.