التفاسير

< >
عرض

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ
٢
كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ
٣
إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ
٤
وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوۤاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ
٥
وَإِذْ قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي ٱسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ
٦
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَىٰ إِلَى ٱلإِسْلاَمِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ
٧
يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ
٨
-الصف

بحر العلوم

قوله تبارك وتعالى: { سَبَّحَ للَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ٱلْحَكِيمُ يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } وذلك أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا بعدما فروا يوم أحد لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله تعالى وأفضل لفعلناه فنزل لم تقولون ما لا تفعلون ويقال قالوا ذلك قبل يوم أحد فابتلوا بذلك وفروا فنزل تيسيراً لهم بترك الوفاء فقال لم تقولون ما لا تفعلون { كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ } يعني: عظم بغضاً عند الله { أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَـٰنٌ مَّرْصُوصٌ } يعني: يصفون بمنزلة الصف في الصلاة وملتزمة بعضهم في بعض لا يتأخر أحدهم عن صاحبه بمنزلة البنيان الذي بني بالرصاص ويقال كأنهم بنيان مرصوص أي متفقي الكلمة بعضهم على بعض على عدوهم فلا يخالف بعضهم بعضاً وروي في الخبر أنه كان يوم مؤتة وكان عبد الله بن رواحة أحد الأمراء الذين أمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناداهم يا أهل المجلس الذين وعدتم ربكم قولكم ثم مشى فقاتل حتى قتل قوله تعالى: { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ } وقد قال موسى { لِقَوْمِهِ يَـٰقَوْمِ لَّم تُؤْذُونَنِى } بالتكذيب وذلك أنهم كذبوه وقالوا إنه أدبر ويقال: إنه حين مات هارون ويقال إنه قال لقومه الكفار لم تؤذونني بالتكذيب والشتم { وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُواْ } يعني: مالوا عن الحق وعدلوا عنه { أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ } يعني: خذلهم عن الهدى فثبتوا على اليهودية { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى } يعني: لا يرشد إلى دينه { ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ } يعني: العاصين المكذبين الذين لا يرغبون في الحق. { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ } يعني: وقد قال عيسى ابن مريم { يٰبَنِى إِسْرٰءيلَ إِنّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُم } يعني: أرسلني الله تعالى إليكم لأدعوكم إلى الإسلام { مُّصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ } يعني: أقرأ عليكم الإنجيل موافقاً للتوراة في التوحيد وفي بعض الشرائع { وَمُبَشّراً بِرَسُولٍ } يعني: أبشركم برسول الله { يَأْتِى مِن بَعْدِى ٱسْمُهُ أَحْمَدُ } وروى ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم قالوا يا رسول الله أخبرنا عن نفسك فقال "أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى صلوات الله عليهم ورأت أمي رؤياها حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى في أرض الشام" { فَلَمَّا جَاءهُم بِٱلْبَيّنَـٰتِ } يعني: جاءهم عيسى بالبينات التي كان يريهم من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص { قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } يعني: بيناً ظاهراً قرأ حمزة والكسائي ساحر بالألف والباقون سحر بغير ألف فمن قرأ ساحر فهو فاعل ومن قرأ سحر فهو نعت الفعل.