التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١
قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ
٢
-التحريم

بحر العلوم

قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلا في يوم لعائشة رضي الله عنها مع جاريته مارية القبطية فوقعت حفصة على ذلك فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا تعلمي عائشة" وحرم مارية على نفسه فأخبرت حفصة عائشة بذلك فأطلع الله تعالى نبيه على ذلك فطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - حفصة فأمر الله تعالى رسوله بكفارة اليمين لتحريم جاريته على نفسه وأمره بأن يراجع حفصة فقال له جبريل: راجع حفصة فإنها صوامة قوامة ونزلت هذه الآية يا أيها النبي تحرم ما أحل الله لك يعني مارية { تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوٰجِكَ } يعني تطلب رضا زوجتك عائشة { وَٱللَّهُ غَفُورٌ } فيما حرم على نفسه ويقال غفور لذنب حفصة { رَّحِيمٌ } حيث لم يعاقبها { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَـٰنِكُمْ } يعني بين الله لكم كفارة أيمانكم، ويقال أوجب الله عليكم كفارة أيمانكم، وفي الآية وجه آخر روى هشام بن عروة عن أمية عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب الحلو والعسل وكان إذا صلى العصر دار على نسائه فيدنو منهن فدخل على حفصة فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس فسألت عائشة عن ذلك فقيل لها أهدت لها امرأة من قومها عكة عسل فسقت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه فقالت أما والله لنحتالن فذكرت ذلك لسودة، وقالت إذا دخل فإنه سيدنو منك فقولي له أكلت المغافير فإنه سيقول لك لا فقولي له ما هذه الريح وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشتد عليه إذا وجد منه الريح فإنه سيقول لك حفصة سقتني شربة عسل فقولي له جرست نحلة العُرْفُط يعني أن تلك النحلة أكلت العرفط وهو نبات به رائحة منكرة وسأقول له ذلك وقولي له أنت يا صفية فلما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سودة قالت سودة لقد كدت أن أناديه وإنه لعلى الباب فرقا منك فلما دنا مني قلت أكلت المغافير قال لا فما هذه الريح قال سقتني حفصة شربة عسل قلت جرست نحله العرفط فلما دخل على صفية قالت له مثل ذلك فلما دخل على حفصة قالت له يا رسول الله ألا أسقيك منه قال لا حاجة لي به وروى بن أبي مليكة عن عبد الله بن عباس قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب من شراب عند سودة من العسل فدخل على عائشة فقالت له إني أجد منك ريحاً ثم دخل على حفصة فقالت إني أجد منك ريحاً قال أراه من شراب شربته عند سودة والله لا أشربه فنزل { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } ثم قال { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَـٰنِكُمْ } يعني أوجب عليكم كفارة أيمانكم { وَٱللَّهُ مَوْلَـٰكُمْ } يعني ناصركم وحافظكم { وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ } بما قالت حفصة لعائشة في أمر مارية { ٱلْحَكِيمُ } حكم بكفارة اليمين.