التفاسير

< >
عرض

نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ
١
مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ
٢
وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ
٣
وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ
٤
فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ
٥
بِأَييِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ
٦
-القلم

بحر العلوم

قوله تبارك وتعالى { ن وَٱلْقَلَمِ } - قرأ الكسائي ونافع وعاصم في إحدى الروايتين بالإِدغام والباقون بإظهار النون وهما لغتان ومعناهما واحد قال ابن عباس هي السمكة التي تحت الأرضين وروى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال أول ما خلق الله تعالى من شيء القلم فقال اكتب قال بما أكتب قال اكتب القدر فيجري بما هو كائن إلى قيام الساعة ثم خلق النون يعني السمكة فدحا الأرض عليها فارتفع بخار الماء ففتق منه السموات فاضطربت النون فمادت الأرض فأثبتت بالجبال وإن الجبال لتفخر على الأرض إلى يوم القيامة وقال سعيد بن جبير والحسن وقتادة النون الدواة وقال قتادة الدواة والقلم ما قام لله وبه لإصلاح عيش خلقه والله يعلم ما يصلح خلقه. ويقال النون افتتاح اسم الله تعالى وهو النون ويقال هو آخر اسمه من الرحمن وهذا قسم أقسم الله تعالى بالنون والقلم وجواب القسم ما أنت بنعمة ربك بمجنون. فذلك قوله نون { وَمَا يَسْطُرُونَ } يكتُب الحفظة من أعمال بني آدم ويقال وما يسطرون يعني تكتب الحفظة في اللوح المحفوظ { مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبّكَ بِمَجْنُونٍ } يعني ما أنت بحمد الله تعالى بمجنون وما أنت بنعمة ربك بمجنون كما يزعمون وذلك أن أول ما نزل من القرآن قوله تعالى { { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِى خَلَقَ } [العلق:1] إلى قوله { { عَلَّمَ ٱلإِنسَـٰنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } [العلق:5] وعلمه جبريل الصلاة فقال أهل مكة: جن محمد - صلى الله عليه وسلم - وكان النبي يفر من الشاعر والمجنون فلما نسبوه إلى الجنون شق ذلك عليه فنزل (ما أنت بنعمة ربك بمجنون) ويقال بل أنت رسول الله تعالى ثم قال { وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ }يعني غير مقطوع ويقال: غير محسوب ويقال: لا يمن عليك { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } يعني على خلق حسن، وقال مقاتل يعني: على دين الإسلام وقال عطية يعني: على آدب القرآن ثم قال { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ }يعني: سترى ويرون، ويقال فستعلم ويعلمون { بِأَيّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ }يعني: إذا نزل بهم العذاب تعلمون أيكم المفتون يعني بأيكم المجنون ويقال الباء زيادة، ومعناه أيكم المفتون يعني أيكم المجنون، وقال قتادة يعني أيكم أولى بالسلطة وقال أبو عبيدة أيكم المجنون والباء زيادة واحتج بقول القائل - نضرب بالسيف ونرجو بالفرج يعني نرجو الفرج.