التفاسير

< >
عرض

فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ
٣٨
وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ
٣٩
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ
٤٠
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ
٤١
وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ
٤٢
تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٤٣
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ
٤٤
لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ
٤٥
ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ
٤٦
فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ
٤٧
وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ
٤٨
وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ
٤٩
وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ
٥٠
وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ
٥١
فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ
٥٢
-الحاقة

بحر العلوم

قال: { فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ } يعني: أقسم بما تبصرون من شيء، ومن الخلق { وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ } من الخلق { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } يعني: هذا القرآن قول رسول كريم على الله تعالى، يعني جبريل وهذا قول مقاتل ويقال: قول رسول كريم يعني قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني: محمد - صلى الله عليه وسلم - قال أبو العالية، إنه يعني القرآن لقول رسول كريم يقرأ عليك يا محمد - ويقال معناه إن الذي ينزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن ويقرؤه عليه جبريل الكريم على الله تعالى ليس الشياطين كما يقولون { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ } يعني: القرآن ليس هو بقول شاعر { قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ } يعني: قليلاً ما تؤمنون، وما صلة، قرأ ابن كثير وابن عامر في رواية هشام قليلاً ما يؤمنون بالياء وقليلاً ما يذكرون بالياء والباقون بالتاء عبى معنى المخاطبة ثم قال: { وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ } يعني: ليس بقول كاهن ليس بقول شيطان أي عراف كاذب { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } يعني: قليلاً ما تتعظون ثم قال عز وجل: { تَنزِيلٌ مّن رَّبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } يعني القرآن هو كلام رب العالمين أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - ثم قال { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ } يعني أن محمد - صلى الله عليه وسلم - لو قال من ذات نفسه { لأخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } يعني: لعاقبناه فأعلم الله تعالى أنه لا محاباه لأحد إذا عصاه بالقرآن وإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعنى: قوله باليمين يعني بالقوة، وقال القتبي إنما قام اليمين مقام القوة لأن قوة كل شيء في يمينه ولأهل اللغة في هذا مذاهب أخر وهو قولهم إذا أرادوا عقوبة أحد فيقولون خذ بيده وافعل به كذا وكذا، قال الله تعالى لو كذب علينا لأمرنا بالأخذ بيده ثم عاقبناه، ويقال لو تقول علينا بعض الأقاويل معناه لو زاد حرفاً واحداً على ما أوحيته إليه أو نقص لعاقبته وكان هو أكرم الناس عليَّ وفي الآية تنبيه لغيره لكيلا يغيروا شيئاً من كتاب الله تعالى ولا يتقولوا فيه شيئاً من ذات أنفسهم ويقال باليمين يعني بالحق، ويقال بالحجة { ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ } وهو عرق يتعلق به القلب إذا انقطع مات صاحبه يعني لأهلكناه { فَمَا مِنكُم مّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَـٰجِزِينَ } يعني: ليس أحد منكم يمنعنا من عذابه { وَإِنَّهُ } يعني: القرآن { لَتَذْكِرَةٌ لّلْمُتَّقِينَ } يعني: عظة للذين يتقون الشرك والفواحش { وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذّبِينَ } يعني: وإنا لنعلم أن منكم أيها المؤمنون مكذبون بالقرآن يعني: المنافقين ثم قال عز وجل: { وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } يعني: إن هذا القرآن ندامة على الكفارين يوم القيامة لأنه يقال لهم ألم يقرأ عليكم القرآن فيكون لهم حسرة وندامة بترك الإيمان { وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ } يعني: إن تلك الندامة لحق اليقين ويقال إن القرآن من الله تعالى حقاً يقيناً { فَسَبّحْ بِٱسْمِ رَبّكَ ٱلْعَظِيمِ } يعني: صلِ لله تعالى ويقال سبحه باللسان والله تعالى أعلم والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.