التفاسير

< >
عرض

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً
١
يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً
٢
وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً
٣
وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطاً
٤
-الجن

بحر العلوم

قوله تعالى: { قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ } يعني: قل يا محمد أوحى الله إلي وأخبرني الله تعالى في القرآن { أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مّنَ ٱلْجِنّ } وهم تسعة من أهل نصيبين من أهل اليمن من أشرافهم والنفر ما بين الثلاثة إلى العشرة، وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال انطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين السماء أي بين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب فقالوا ما هذا إلا لشيء حدث فضربوا مشارق الأرض ومغاربها يبتغون ما هذا الذي حال بينهم وبين خبر السماء فوجدوا النفر الذين خرجوا نحو تهامة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنخلة وهو يصلي مع أصحابه صلاة الفجر فاستمعوا منه فقالوا هذا والله الذي حال بيننا وبين خبر السماء فرجعوا إلى قومهم { فَقَالُواْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءانَاً عَجَباً يَهْدِى إِلَى ٱلرُّشْدِ } فأنزل الله تعالى { قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مّنَ ٱلْجِنّ } يعني: طائفة وجماعة من الجن فقالوا إنا سمعنا يعني: قالوا بعدما رجعوا إلى قومهم إنا سمعنا قرآناً عجباً يعني عزيزاً شريفاً كريماً، ويقال عزيزاً لا يوجد مثله، يهدي إلى الرشد يعني: يدعو إلى الهدى وهو الإسلام ويقال إلى الصواب والتوحيد والأمر والنهي، ويقال يدل على الحق { فَآمَنَّا بِهِ } يعني: صدقنا بالقرآن، ويقال آمنا بالله تعالى. { وَلَن نُّشرِكَ بِرَبّنَا أَحَداً } يعني: إبليس يعني: لن نشرك بعبادته أحداً من خلقه ثم قال عز وجل: { وَأَنَّهُ تَعَـٰلَىٰ جَدُّ رَبّنَا } أي: ارتفع عظمة ربنا ويقال ارتفع ذكره، ويقال ارتفع ملكه وسلطانه { مَا ٱتَّخَذَ صَـٰحِبَةً وَلاَ وَلَداً } يعني: لم يتخذ زوجة ولا ولداً كما زعم الكفار، واتفق القراء في قوله - أنه استمع نفر على نصب الألف لأن معناه قل أوحي إلي بأنه استمع واتفقوا في قوله إنا سمعنا على الكسر لأنه على معنى الابتداء واختلفوا فيما سوى ذلك - قرأ حمزة والكسائي وابن عامر كلها بالنصب بناء على قوله (أنه استمع) إلا في حرفين - أحدهما - فإن له نهار جهنم بالكسر - والأخرى قوله فإنه يسلك من بين يديه بالكسر على معنى الابتداء، وقرأ أبو عمرو وابن كثير كلها بالكسر إلا في أربعة أحرف (قل أوحي إلى أنه استمع)، (وأن لو استقاموا) (وأن المساجد)، (وأنه لما قام عبد الله يدعوه)، قرأ عاصم في رواية أبي بكر ونافع في إحدى الروايتين هكذا إلا في قوله وأنه لما قام عبد الله وإنما اختاروا الكسر لهذه الأحرف بناء على قوله إنا سمعنا وقال أبو عبيد: ما كان من قول الجن فهو كسر ومعناه وقالوا إنه تعالى، وقالوا أنه كان يِقول وما كان محمولاً على قوله أوحى فهو نصب على معنى أوحي إلي أنه ثم قال { وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطاً } يعني: جاهلنا يعني إبليس لعنه الله، ويقال وإنه كان يقول سفيهنا يعني كفرة الجن على الله شططاً يعني كذباً وجوراً من المقال.