التفاسير

< >
عرض

لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ
١
وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ
٢
أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ
٣
بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ
٤
بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ
٥
-القيامة

بحر العلوم

قوله تعالى: { لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } أجمع أهل التفسير أن معناه أقسم واختلفوا في تفسير لا قال بعضهم والكلام زيادة للزينة، ويجري في كلام العرب زيادة لا كما في آية أخرى قال { { مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ } [الأعراف:12] يعني: أن تسجد وقال بعضهم لا رد لكلامهم حيث أنكروا البعث فقال ليس الأمر كما ذكر ثم قال أقسم بيوم القيامة ويقال معناه أقسم برب يوم القيامة إنها كائنة { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } يعني: أقسم بخالق النفس اللوامة وهي نفس ابن آدم يلوم نفسه كما روي عن ابن عباس وعن عمر رضي الله عنهم ما من نفس برة وفاجرة إلا تلوم نفسها إن كانت محسنة تقول يا ليتني زدت إحساناً وإن كانت سيئة تقول يا ليتني تركت، ولم يذكر جواب القسم لأن في الكلام دليلاً عليه وهو قوله بلى قادرين ومعناه ولا أقسم بالنفس اللوامة لتبعثن بعد الموت ثم قال عز وجل: { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَـٰنُ } يعني: أيظن الكافر { أَن لَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } يعني: أن لن يبعث الله بعد الموت نزلت في أبي بن خلف ويقال في عدي بن الربيعة لإنكار البعث بعد الموت يقول الله تعالى { بَلَىٰ قَـٰدِرِينَ } يعني: إن الله تعالى قادر { عَلَىٰ أَن نُّسَوّىَ بَنَانَهُ } يعني: يجعل أصابعه ملتزقة وألحق الراحة بالأنامل وهذا قول ابن عباس: وقال القتبي: فكأنه يقول أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه في الآخرة بلى قادرين على أن نسوي بنانه يعني: أن نجمع ما صغر منه ونؤلف بينه أي نعيد السلاميات على صغرها ومن قدر على جمع هذا فهو على جمع كبار العظام أقدر وقال مجاهد على أن نسوي خفه كخف البعير لا يعمل به شيئاً، وقال سعيد بن جبير يعني كنف البعير أو كحافر الدابة والحمر لأنه ليس من دابة إلا وهي تأكل بفمها غير الإنسان قوله تعالى: { بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَـٰنُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } يعني: يقدم ذنوبه ويؤخر توبته ويقول سوف أتوب ولا يترك الذنوب وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه وقال عكرمة ليفجر أمامه يعني يريد الذنوب في المستقبل، وقال القتبي: بل يريد الإنسان ليفجر أمامه فقد كثرت فيه التفاسير، وقال سعيد بن جبير سوف أتوب وقال الكلبي يكثر الذنوب ويؤخر التوبة وقال آخرون: يتمنى الخطيئة، وفيه قول آخر على طريق الإنكار بأن يكون الفجور بمعنى التكذيب بيوم القيامة ومن كذب بالحق فقد فجر، وأصل الفجور الميل فقيل للكاذب والمكذب والفاسق فاجر لأنه مال عن الحق.