التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ
١٦
ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلآخِرِينَ
١٧
كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ
١٨
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
١٩
أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ
٢٠
فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ
٢١
إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ
٢٢
فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ ٱلْقَادِرُونَ
٢٣
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٢٤
أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً
٢٥
أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً
٢٦
وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّآءً فُرَاتاً
٢٧
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٢٨
ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ
٢٩
ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ
٣٠
لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ ٱللَّهَبِ
٣١
-المرسلات

بحر العلوم

قال عز وجل { أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ } يعني ألم يهلك الله تعالى من كان قبلهم بتكذيبهم لأنبيائهم { ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلآخِرِينَ } يعني نهلك الآخرين يعني إن كذبوا رسلهم { كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } يعني هكذا يفعل الله بالكفار { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } يعني الذين كذبوا رسلهم ثم قال: { أَلَمْ نَخْلُقكُّم مّن مَّاء مَّهِينٍ } يعني من نطفة وهو ماء ضعيف { فَجَعَلْنَـٰهُ فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ } يعني في رحم الأم { إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ } يعني إلى وقت معروف وهو وقت الخروج من البطن { فَقَدَرْنَا } يعني فخلقنا { فَنِعْمَ ٱلْقَـٰدِرُونَ } يعني نعم الخالق وهو أحسن الخالقين قرأ نافع والكسائي فقدرنا بتشديد الدال المهملة والباقون بالتخفيف ومعناهما واحد، يقال: قدرت كذا وكذا وقد يعني خلقه في بطن الأم نطفة ثم علقة ثم مضغة يعني قدرنا خلقه قصيراً وطويلاً فنعم القادرون يعني فنعم ما قدر الله تعالى خلقهم ثم أخبرهم بصنعه ليعتبروا فيؤمنوا بالبعث وعرفوا الخلق الأول فقال { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } يعني الشدة من العذاب لمن رأى الخلق الأول فأنكر الخلق الثاني ويقال فنعم القادرون يعني نعم المقدرون، ويقال نعم المالكون. ثم قال عز وجل { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً } يعني أوعية للخلق ويقال موضع القرار، ويقال بيوتاً ومنزلاً { أَحْيَاء وَأَمْوٰتاً } يعني ظهرها منازل الأحياء وبطنها منازل الأموات، وقال الأخفش يعني أوعية للأحياء والأموات، وقال الشعبي بطنها لأمواتكم وظهرها لأحياءكم ويقال يعني نظمكم فيها والكفت الضم { وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ } يعني الجبال الثقال { شَـٰمِخَـٰتٍ } يعني عاليات طوالاً { وَأَسْقَيْنَـٰكُم مَّاء فُرَاتاً } يعني ماءً عذباً من السماء ومن الأرض { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } يعني ويل لمن عاين هذه الأشياء وأنكر وحدانية الله تعالى والبعث ثم قال عز وجل { ٱنطَلِقُواْ إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ } يعني يوم الفصل يقال لهؤلاء الذين أنكروا البعث انطلقوا إلى ما كنتم تكذبون يعني انطلقوا إلى العذاب ثم قال عز وجل { ٱنطَلِقُواْ إِلَىٰ ظِلّ ذِى ثَلَـٰثِ شُعَبٍ لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِى مِنَ ٱللَّهَبِ } وذلك أنه يخرج عنق من النار فيحيط الكفار مثل السرادق ثم يخرج من دخان جهنم ظل أسود فيفرق فيهم ثلاث فرق رؤوسهم فإذا فرغ من عرضهم قيل لهم انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ينفعهم ولا يغني من اللهب يعني السرادق من لهب النار. وقال القتبي: وذلك أن الشمس تدنو من رؤوسهم يعني رؤوس الخلق أجمع، وليس عليهم يومئذ لباس ولا لهم أكنان ينجي الله تعالى برحمته من يشاء إلى ظل من ظله ثم قال للمكذبين انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون من عذاب الله وعقابه انطلقوا إلى ظل أي دخان من نار جهنم قد يسطع ثم افترق ثلاث فرق فيكونون فيه إلى أن يفرغ من الحساب كما يكون أوليائه في ظله ثم يؤمر لكل فريق إلى مستقره الجنة أو إلى النار ثم وصف الظل فقال لا ظليل يعني لا يظلكم من حر هذا اليوم بل يزيدكم من لهب النار إلى ما هو أشد عليكم من حر الشمس ولا يغني من اللهب وهذا مثل قوله { { وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ } [الواقعة:43] وهو الدخان وهو سرادق أهل النار كما ذكر المفسرون.