التفاسير

< >
عرض

إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ
٣٢
كَأَنَّهُ جِمَٰلَتٌ صُفْرٌ
٣٣
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٣٤
هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ
٣٥
وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ
٣٦
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٣٧
هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ جَمَعْنَٰكُمْ وَٱلأَوَّلِينَ
٣٨
فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ
٣٩
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٤٠
إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ وَعُيُونٍ
٤١
وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ
٤٢
كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيـۤئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٤٣
إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
٤٤
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٤٥
كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ
٤٦
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٤٧
وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُواْ لاَ يَرْكَعُونَ
٤٨
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٤٩
فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ
٥٠
-المرسلات

بحر العلوم

قال عز وجل { إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ } يعني النار ترمي بشرر القصر قال الكلبي يعني يشبه القصر وهو القصور الأعاريب التي على الماء واحدهما عربة وهي الأرحية التي تكون على الماء تطحن الحنطة وقال مقاتل القصور أصول الشجر العظام وقال مقاتل إنها ترمي بشرر كالقصر أراد القصور من قصور أحياء العرب وقرأ بعضهم كالقصر بنصب الصاد شبه بأعناق النخل ثم شبه في لونه بالجمالات الصفر فقال: { كَأَنَّهُ جِمَـٰلَةٌ صُفْرٌ } وهو أسود والعرب تسمي السود من الإبل الصفرُ لأنه يشوبه صفرة كما قال الأعشى:

تِلْكَ خَيْلِي وَتِلْكَ منها رِكَابِيهُنَّ صَفْرٌ أوْلادُهَا كالزَّبِيبِ

يعني أسود، قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص "جمالة صفر" وهي جمع جمل يقال جمل وجمال وجمالة وقرأ الباقون جمالات وهو جمع الجمع وقال ابن عباس رضي الله عنه جمالات حيال السفينة يجمع بعضها إلى بعض حتى يكون مثل أوساط الرجال { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } يعني: ويل لمن جحد هذا اليوم بعدما سمعه ثم قال عز وجل { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } يعني: لا يتكلمون وهذا في بعض أحوال يوم القيامة ومواضعها { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } يعني: لا يؤذن لهم في الكلام يعني الكفار ليعتذروا { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } يعني: ويل لمن جحد يوم القيامة وهو يقدر على الكلام في هذا اليوم يعني: كان في الدنيا يقدر على المعذرة فتركها ثم قال عز وجل { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } يعني: يوم القضاء ويقال يوم الفصل يعني بين أهل الجنة وبين أهل النار { جَمَعْنَـٰكُمْ وَٱلأَوَّلِينَ } يعني: جمعناكم يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم مع من مضى قبلكم { فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ } يعني: إن كان لكم حيلة فاحتالوا لأنفسكم { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } يعني: ويل لمن أنكر قدرة الله والبعث والجمع يوم القيامة ثم قال عز وجل { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى ظِلَـٰلٍ وَعُيُونٍ } يعني: إن الذين يتقون الشرك والفواحش.
قال الكلبي في ظلال الأشجار وقال مقاتل يعني في الجنان والقصور يعني قصور الجنة وعيون يعني أنهار جارية { وَفَوٰكِهَ } يعني وألوان الفواكه { مّمَّا يَشْتَهُونَ } يعني يتمنون ويقال لهم { كُلُواْ } يعني من الطعام { وَٱشْرَبُواْ } من الشراب { هَنِيئَاً } يعني سائغاً مريئاً لا يؤذيهم { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } يعني ثواباً لكم بما عملتم في الدنيا { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ } يعني هكذا يثبت الله الموحدين المحسنين المؤمنين في أعمالهم وأفعالهم { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } يعني ويل لمن أنكر هذا الثواب ثم قال للمجرمين عز وجل { كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً } يعني كلوا في الدنيا كما تأكل البهائم وعيشوا مدة قليلة إلى منتهى آجالكم { إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ } يعني مشركين، وهذا وعيد وتهديد { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } يعني لمن رضي بالدنيا ولا يقر بالبعث ثم قال عز وجل { وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُواْ لاَ يَرْكَعُونَ } يعني اخضعوا لله تعالى بالتوحيد لا يخضعون، ويقال وإذا قيل لهم صلوا وأقروا بالصلاة لا يركعون يعني لا يقرون بها ولا يصلون.
يعني ويل طويل لمن لا يقر بالصلاة ولا يؤديها وقال مقاتل نزلت في ثقيف قالوا أنحني في الصلاة لأنه مذلة علينا ثم قال عز وجل { فَبِأَيّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } يعني إن لم يصدقوا به فبأي كلام يصدقون يعني إن لم يصدقوا بالقرآن ولم يقروا به فبأي حديث يصدقون يعني هذا الكلام لا باطل فيه يعني لا حديث أصدق منه ولا دعوة أبلغ من دعوى النبي - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم بالصواب.