التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ
٣٣
يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ
٣٤
وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ
٣٥
وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ
٣٦
لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ
٣٧
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ
٣٨
ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ
٣٩
وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ
٤٠
تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ
٤١
أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَرَةُ
٤٢
-عبس

بحر العلوم

ثم ذكر القيامة فقال { فَإِذَا جَاءتِ ٱلصَّاخَّةُ } يعني: الصيحة تصخ الأسماع أي تصمها فلا يسمع إلا ما يدعا به ويقال الصاخة اسم من أسماء يوم القيامة وكذلك الطامة والقارعة والحاقة ثم وصف ذلك اليوم فقال { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْء مِنْ أَخِيهِ } وفراره أنه يعرض عنه بنفسه وقال شهر بن حوشب يوم يفر المرء من أخيه يعني: هو هابيل يفر من أخيه قابيل { وَأُمّهِ وَأَبِيهِ } يعني: محمداً - صلى الله عليه وسلم - من أمه وأبيه وإبراهيم من أبيه { وَصَـٰحِبَتِهِ } يعني: لوط عليه السلام من امرأته { وَبَنِيهِ } يعني: نوح عليه السلام من ابنه، ويقال هذا في بعض أحوال يوم القيامة أن كل واحد منهم يشتغل بنفسه يعني: فلا ينظر المرء إلى أخيه وإلى أبيه وإلى ابنه ثم قال تعالى { لِكُلّ ٱمْرِىء مّنْهُمْ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } يعني؛ لكل إنسان شغل يشغله عن هؤلاء، وروي في الخبر أن عائشة رضي الله عنها قالت يا رسول الله كيف يحشر الناس قال "حفاة عراة" فقالت عائشة رضي الله عنها واسوأتاه النساء مع الرجال حفاة عراة فقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية { لِكُلّ ٱمْرِىء مّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } يعني: لكل واحد منهم عمل يشغله بنفسه عن غيره ثم قال تعالى: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ } يعني: من الوجوه ما يكون في ذلك اليوم مشرقة مضيئة { ضَـٰحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ } يعني: مفرحة بالثواب وهم المؤمنون المطيعون { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ } يعني: من الوجوه ما يعلوها السواد كالدخان وأصل الغبرة يعني الغبار ثم قال عز وجل: { تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } يعني: تلحقها قترة يعني يغشاها الكسوف والسواد { أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَرَةُ } يعني: أن أهل هذه الصفة هم الكفرة بالله تعالى الكذبة على الله تعالى ويقال ترهقها قترة يعني المذلة والكآبة والفجرة يعني: الظلمة. والله الموفق بمنه وصلى الله على سيدنا محمد وآله.