التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ
٦
ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ
٧
فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ
٨
كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ
٩
وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ
١٠
كِرَاماً كَاتِبِينَ
١١
يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ
١٢
-الانفطار

بحر العلوم

قال عز وجل: { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَانُ } يعني: يا أيها الكافر { مَا غَرَّكَ بِرَبّكَ ٱلْكَرِيمِ } يعني: لم يعجل بالعقوبة، وقال مقاتل نزلت في كلدة بن أسيد حيث ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوسه فلم يعاقبه النبي - صلى الله عليه وسلم - (فبلغ ذلك حمزة فأسلم حمية لذلك ثم أراد أن يعود كلدة لضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تعالى هذه الآية فأسلم حمزة يومئذ).
ويقال نزلت في جميع الكفار ما غرك يعني: ما خدعك حين كفرت بربك الكريم المتجاوز لمن تاب { ٱلَّذِى خَلَقَكَ } من النطفة { فَسَوَّاكَ } يعني: فسوى خلقك { فَعَدَلَكَ } يعني: خلقك معتدل القامة { فِيۤ أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } يعني: شبهك بأي صورة شاء إن شاء بالوالد وإن شاء بالوالدة قرأ عاصم والكسائي وحمزة فعدلك بالتخفيف والباقون بالتشديد فمن قرأ بالتخفيف جعل في المعنى إلى فكأنه قال فعدلك إلى أي صورة شاء أن يركبك يعني صرفك إلى ما شاء من الصور من الحسن والقبح ومن قرأ بالتشديد فمعناه قومك ويكون ما صلة وقد تم الكلام عند قوله فعدلك ثم ابتدأ فقال في أي صورة شاء ركبك، ويقال في ما معنى الشرط والجزاء والمعنى أي صورة ما شاء أن يركبك فيها ركبك ويكون شاء بمعنى يشاء ثم قال عز وجل: { كَلاَّ } يعني: لا يؤمن هذا الإنسان بما ذكره من أمره وصورته { بَلْ تُكَذّبُونَ بِٱلدّينِ } يعني: تكذبون بأنكم مبعوثون يوم القيامة ثم أعلم الله تعالى أن أعمالكم محفوظة عليهم فقال { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَـٰفِظِينَ } من الملائكة يحفظون أعمالكم { كِرَاماً كَـٰتِبِينَ } يعني: كراماً على الله تعالى كاتبين يعني يكتبون أعمال بني آدم عليه السلام { يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } من الخير والشر، وروى مجاهد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال
"أكرموا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى الحالتين الجنابة والغائط" .