التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ
٢٢
عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ
٢٣
تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ
٢٤
يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ
٢٥
خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَافِسُونَ
٢٦
وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ
٢٧
عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا ٱلْمُقَرَّبُونَ
٢٨
إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ
٢٩
وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ
٣٠
وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ
٣١
وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَضَالُّونَ
٣٢
وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ
٣٣
فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ
٣٤
عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ
٣٥
هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ
٣٦
-المطففين

بحر العلوم

قال عز وجل: { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِى نَعِيم عَلَى ٱلأَرَائِكِ يَنظُرُونَ } يعني: المؤمنين الصالحين لفي نعيم في الجنة على الأرائك ينظرون يعني على سرر في الحجال ينظرون إلى أهل النار، ويقال ينظرون إلى عدوهم حين يعذبون { تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ } يعني: أثر النعمة وسرورهم في وجوههم ظاهر { يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ } يعني: يسقون خمراً بيضاء، وقال الزجاج الرحيق الشراب الذي لا غش فيه، قال القتبي الرحيق الخمر العتيقة، ثم قال { مَّخْتُومٍ خِتَـٰمُهُ مِسْكٌ } يعني: إذا شرب منه رجل وجد عند فراغه من الشراب ريح المسك قرأ الكسائي مسك، وروي عن الضحاك أنه قرأ مثله والباقون ختامه مسك ومعناهما واحد، والخاتم اسم والختام مصدر يعني يجد شاربه ريح المسك حين ينزع الإناء من فيه ثم قال عز وجل: { وَفِى ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَـٰفِسُونَ } يعني: بمثل هذا الثواب فليتبادر المتبادرون، ويقال فليتحاسد المتحاسدون ويقال فليواظب المواظبون وليجتهد المجتهدون وهذا كما قال لمثل هذا فليعمل العاملون ثم قال { وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ } يعني: مزاج الخمر من ماء اسمه تسنيم وهو من أشرف الشراب في الجنة وإنما سمي تسنيماً لأنه يتسنم عليهم فينصب عليهم انصباباً، وقال عكرمة ألم تسمع إلى قول الرجل يقول إني لفي السنام من قومه فهو في السنام من الشراب، وقال القتبي أصله من سنام البعير يعني المرتفع ثم وصفه فقال عز وجل: { عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا ٱلْمُقَرَّبُونَ } يعني: التسنيم عيناً يشرب بها المقربون صرفاً ويمزج لأصحاب اليمين ثم قال عز وجل: { إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ } يعني: أشركوا { كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ يَضْحَكُونَ } يعني: من ضعفاء المؤمنين يضحكون ويسخرون ويستهزؤون بهم { وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ } يعني: يطعنون ويغتابون وذلك أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مر بنفر من المنافقين ومعه نفر من المسلمين فسخر منهم المنافقون، ويقال حكاية عن كفار مكة أنهم كانوا يضحكون من ضعفاء المسلمين وإذا مروا بهم وهم جلوس يتغامزون يعني يتطاعنون بينهم ويقولون هؤلاء الكسالى { وَإِذَا ٱنقَلَبُواْ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ } يعني: رجعوا معجبين بما هم فيه { وَإِذَا رَأَوْهُمْ } يعني: رأوا المؤمنين { قَالُواْ إِنَّ هَـؤُلاَء لَضَالُّونَ } يعني: تركوا طريقهم { وَمَا أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَـٰفِظِينَ } يعني: يعني ما أرسل هؤلاء حافظين على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ليحفظوا عليهم أعمالهم، قال مقاتل: هذا كله في المنافقين يعني ما وكل المنافقون بالمؤمنين يحفظون عليهم أعمالهم، قرأ عاصم [في رواية حفص] انقلبوا فكهين بغير ألف وفي رواية حفص والباقون بالألف ومعناهما واحد وقال بعضهم فاكهين ناعمين فكهين فرحين.