التفاسير

< >
عرض

وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ
١
ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ
٢
وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ
٣
أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ
٤
لِيَوْمٍ عَظِيمٍ
٥
يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٦
كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ
٧
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ
٨
كِتَابٌ مَّرْقُومٌ
٩
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
١٠
-المطففين

بحر العلوم

قوله تعالى: { وَيْلٌ لّلْمُطَفّفِينَ } يعني: الشدة من العذاب للذين ينقصون المكيال والميزان وإنما سمي الذي يخون في المكيال والميزان مطففاً لأنه لا يكاد يسرق في المكيال والميزان إلا الشيء الخفيف الطفيف ثم بين أمرهم فقال { ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ } يعني: استوفوا من الناس لأنفسهم وعلى بمعنى عن بمعنى إذا اكتالوا عن الناس يستوفون يتمون الكيل والوزن { وَإِذَا كَالُوهُمْ } يعني: إذا باعوا من غيرهم ينقصون الكيل { أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } يعني: ينقصون الكيل وقال بعضهم كالوهم حرفان يعني: كالوا ثم قال: هم وكذلك وزنوا ثم قال هم يخسرون وذكر عن حمزة الزيات أنه قال هكذا ومعناه هم إذا كالوا أو وزنوا ينقصون وكان الكسائي يجعلها حرفاً واحداً كالوهم أي كالوا لهم وكذلك وزنوا لهم وقال أبو عبيدة وهذه هي القراءة لأنهم كتبوها في المصاحف بغير ألف ولو كان مقطوعاً لكتبوا كالواهم بالألف ثم قال عز وجل: { أَلا يَظُنُّ } يعني: ألا يعلم المطفف وألا يستيقن بالبعث قوله تعالى: { أُوْلَـئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ } يعني: يبعثون بعد الموت { لِيَوْمٍ عَظِيمٍ } يعني: يوم القيامة هولها شديد { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } يعني: في يوم يقوم الخلائق بين يدي الله تعالى وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "يقوم الناس لرب العالمين مقدار نصف يوم يعني خمسمائة عام وذلك المقام على المؤمنين كتولي الشمس" وروى نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "يقوم أحدكم ورشحه إلى أنصاف أذنيه" وقال ابن مسعود إن الكافر ليلجم بعرقه حتى يقول أرحني ولو إلى النار ثم قال: { كَلاَّ } يعني: لا يستيقنون البعث ثم استأنف، فقال { إِنَّ كِتَـٰبَ ٱلْفُجَّارِ } ويقال: هذا موصول بكلا إن كتاب يعني حقاً إن كتاب الفجار { لَفِى سِجّينٍ } يعني: أعمال الكفار لفي سجين قال مقاتل وقتادة السجين الأرض السفلى، وقال الزجاج السجين فعيل من السجن والمعنى كتابهم في حبس جعل ذلك دليلاً على خساسة منزلتهم وقال مجاهد سجين صخرة تحت الأرض السفلى فيجعل كتاب الفجار تحتها، وقال عكرمة "لفي سجين" أي لفي خسارة وقال الكلبي: السجين الصخرة التي عليها الأرضون وهي مسجونة فيها أعمال الكفار وأزواجهم فلا تفتح لهم أبواب السماء ثم قال: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجّينٌ } ثم أخبر فقال { كِتَـٰبٌ مَّرْقُومٌ } يعني: مكتوباً ويقال مكتوب مختوم { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ } يعني: شدة العذاب { لّلْمُكَذّبِينَ } يعني: شدة العذاب للمكذبين.