التفاسير

< >
عرض

إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ
١٢
إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ
١٣
وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلْوَدُودُ
١٤
ذُو ٱلْعَرْشِ ٱلْمَجِيدُ
١٥
فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ
١٦
هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْجُنُودِ
١٧
فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ
١٨
بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي تَكْذِيبٍ
١٩
وَٱللَّهُ مِن وَرَآئِهِمْ مُّحِيطٌ
٢٠
بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ
٢١
فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ
٢٢
-البروج

بحر العلوم

{ إِنَّ بَطْشَ رَبّكَ لَشَدِيدٌ } يعني: عذاب ربك لشديد وهذا قول مقاتل وقال الكلبي إن أخذ ربك لشديد ومعناهما واحد، ويقال العقوبة الشديدة وهذا موضع هذا القسم ثم قال: { إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىء وَيُعِيدُ } يعني: يبدأ الخلق في الدنيا ويعيد في الآخرة من التراب يعني: يبعثهم بعد الموت { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلْوَدُودُ } يعني: الغفور لذنوب المؤمنين ويقال الغفور للذنوب الودود يعني: المحب للتائبين، ويقال المحب لأوليائه ويقال الودود يعني الكريم ثم قال { ذُو ٱلْعَرْشِ ٱلْمَجِيدُ } يعني: رب السرير الشريف، قرأ حمزة والكسائي بكسر الدال وقرأ الباقون بالضم فمن قرأ بالخفض جعله نعتاً للعرش ومن قرأ بالضم جعله صفة ذو يعني: (ذو العرش) وهو (المجيد) الشريف والمجيد الكريم. { فَعَّالٌ لّمَا يُرِيدُ } يعني: يحيي ويميت، ويعز ويذل ثم قال عز وجل: { هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْجُنُودِ } يعني: قد أتاك حديثهم ثم فسر الجنود فقال { فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ } يعني: قوم موسى وقوم صالح أهلكهم الله تعالى في الدنيا وهذا وعيد لكفار هذه الأمة ليعتبروا بهم ويوحدوه ثم قال تعالى: { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِى تَكْذِيبٍ } يعني: إن الذين لا يعتبرون ويكذبون الرسل والقرآن { وَٱللَّهُ مِن وَرَائِهِمْ مُّحِيطٌ } يعني: اصبر يا محمد على تكذيبهم فإن الله عالم بهم وقال الزجاج في قوله والله من ورائهم محيط يعني لا يعجزه منهم أحد قدرته مشتملة عليهم { بَلْ هُوَ قُرْءانٌ مَّجِيدٌ } يعني: إنهم وإن كذبوا لا يعرفون حقه لا يقرون به وهو قرآن شريف أشرف من كل كتاب أو يقال شريف لأنه كلام رب العزة { فِى لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ } يعني: مكتوباً في اللوح الذي هو محفوظ عند الله من الشياطين وهو عن يمين العرش من درة بيضاء ويقال من ياقوتة حمراء قرأ نافع محفوظ بالضم والباقون بالكسر فمن قرأ بالضم جعله نعتاً للقرآن، ومعناه قرآن مجيد محفوظ من الشياطين في اللوح ومن قرأ بالكسر فهو نعت اللوح. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم أنه قال إن الله تعالى جعل لوحاً من درة بيضاء دفتاه من ياقوتة حمراء ينظر الله تعالى فيه في كل يوم ثلاثمائة وستين مرة ويحيي ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء وروي عن إبراهيم بن الحكم عن أبيه قال حدثني فرقد في قوله تعالى: { بَلْ هُوَ قُرْءانٌ مَّجِيدٌ فِى لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ } قال هو صدر المؤمنين، وقال قتادة في اللوح المحفوظ عند الله تعالى. والله الموفق بمنه وكرمه وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً.