التفاسير

< >
عرض

سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ
١
ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ
٢
وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ
٣
وَٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ
٤
فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ
٥
-الأعلى

بحر العلوم

قوله تعالى: { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبّكَ ٱلأَعْلَىٰ } قال الكلبي: يعني صلِّ بأمر ربك، ويقال سبح هو من التنزيه والبراءة يعني نَزِّه ربك، والاسم صلة، ويقال: (سبح اسم ربك الأعلى) يعني: قل سبحان ربي الأعلى كما روي في الخبر أنه قيل: يا رسول الله ما نقول في ركوعنا فنزل "سبح اسم ربك الأعلى" بمعنى العالي (كقوله أكبر بمعنى الكبير والعلو هو القهر والغلبة يعني أمره نافذ على خلقه فلما نزل (فسبح باسم ربك العظيم) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اجعلوها في ركوعكم" فقالوا فما نقول في سجودنا؟ فنزل "سبح اسم ربك الأَعلى" قال عليه السلام: "اجعلوها في سجودكم" ويقال "سبح اسم ربك" يعني اذكر توحيد ربك الأعلى، ويقال كان بدء قوله "سبحان ربي الأعلى" أي ميكائيل خطر على باله عظمة الرب جلا وعلا سلطانه فقال: يا رب أعطني قوة حتى أنظر إلى عظمتك وسلطانك، فأعطاه قوة أهل السموات فطار خمسة آلاف سنة فنظر فإذا الحجاب على حاله واحترق جناحه من نور العرش ثم سأل القوة فأعطاه القوة ضعف ذلك فجعل يطير ويرتفع عشرة آلاف سنة حتى احترق جناحه وصار في آخره كالفرخ ورأى الحجاب والعرش على حاله فخر ساجداً وقال "سبحان ربي الأعلى" يعني: تعالى من أن يكون محسوساً معقولاً ثم سأل ربه أن يعيده إلى مكانه إلى حاله الأولى ثم قال عز وجل: { ٱلَّذِى خَلَقَ فَسَوَّىٰ } يعني: الذي خلق كل ذي روح، وجميع خلقه، ويقال سبح الله تعالى الذي خلقك فسوى خلقك يعني: اليدين والرجلين والعينين ولم يخلقك زمناً ولا مكفوفاً، كما قال وصوَّركم فأحسن صوركم قوله تعالى: { وَٱلَّذِى قَدَّرَ فَهَدَىٰ } يعني: قدر لكل شيء شكله، يعني لكل ذكر وأنثى من شكله وهداه للأكل والشرب والجماع، ويقال الذي قدر فهدى يعني فهداه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً ويقال الذي قدر فهدى سبح لله الذي خلقك وقدر آجالك وأرزاقك وأعمالك وهداك إلى المعرفة والإسلام والأكل والشرب فصلّ بابن آدم وسبح لهذا المنعم المكرم السيد الذي هو الأحد الصمد، { { هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلْبَـٰطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ } [الحديد: 3] ثم قال عز وجل: { وَٱلَّذِى أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ } يعني: أنبت الكلأ ويقال هو العشب والحشيش وألقت وما أشبه، قرأ الكسائي "والذي قدر" بالتخفيف، والباقون بالتشديد ومعناها واحد يقال قدره الأمر وقدرته قوله تعالى: { فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَىٰ } يعني: جعل المرعى يابساً بعد خضرته، وقال القتبي: غثاء يعني يابساً، أحوى يعني أسود من قدمه واحتراقه.