التفاسير

< >
عرض

قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ
١٤
وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ
١٥
بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا
١٦
وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ
١٧
إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ
١٨
صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ
١٩
-الأعلى

بحر العلوم

قال عز وجل: { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } يعني فاز ونجا من هذا العذاب وسعد بالجنة من تزكى يعني وحّد الله تعالى وزكى نفسه بالتوحيد { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبّهِ } يعني توحيد ربه { فَصَلَّىٰ } مع الإمام الصلوات الخمس، [ويقال (قد أفلح من تزكى) يعني أدى زكاة الفطر (وذكر اسم ربه فصلى) مع الإمام صلاة العيد] ويقال (قد أفلح من تزكى) يعني أدى زكاة المال، يعني نجا من خصومة الفقراء يوم القيامة (وذكر اسم ربه فصلى) يعني كبّر وصلى لله تعالى، ويقال (من تزكى) يعني تاب من الذنوب (وذكر اسم ربه) يعني إذا سمع الآذان خرج إلى الصلاة ثم ذم تارك الجماعة لأجل الاشتغال بالدنيا فقال { بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا } يعني تختارون عمل الدنيا على عمل الآخرة، قرأ أبو عمرو (بل يؤثرون) بالياء على معنى الخبر عنهم والباقون بالتاء على معنى المخاطبة ثم قال عز وجل { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } يعني عمل الآخرة خير وأبقى من اشتغال الدنيا وزينتها، ويقال معناه يختارون عيش الدنيا الفانية على عيش الآخرة الباقية وإن عيش الآخرة خير وأبقى لأن في عيش الدنيا عيوباً كثيرة خوف المرض والموت والفقر والذل والهوان والزوال والحبس والمنع وما أشبه ذلك وليس في عيش الآخرة شيء من هذه العيوب، لأجل هذا قيل خير من الدنيا قوله تعالى: { إِنَّ هَـٰذَا لَفِى ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } يعني الذي ذكر في هذه السورة كان في الصحف الأولى يعني في الكتب الأولى ثم فسره فقال { صُحُفِ إِبْرٰهِيمَ وَمُوسَىٰ } ويقال الذي ذكر في آخر السورة أربع آيات لفي كتب الأولين وكل كتاب مكتوب يسمى الصحف يعني في قوله قد أفلح من تزكى الخ الآية.