التفاسير

< >
عرض

سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ
٦
إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ
٧
وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ
٨
فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ
٩
سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ
١٠
وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى
١١
ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ
١٢
ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا
١٣
-الأعلى

بحر العلوم

قال عز وجل: { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } يعني: سنعلمك القرآن وينزل عليك فلا تنسى إلا ما شاء الله، يعني قد شاء الله أن لا تنسى القرآن فلم ينس القرآن بعد نزول هذه الآية. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذ في قراءته قبل أن يفرغ جبريل عليه السلام مخافة أن ينساه ويقال "سنقرئك فلا تنسى" يعني: سنحفظ عليك حتى لا تنسى شيئاً، ويقال إن جبريل عليه السلام كان ينزل عليه في كل زمان ويقرأ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويبين له ما نسخ فذلك قوله { إِلاَّ مَا شَاء ٱللَّهُ } يعني: إلا ما شاء الله أن يرفعه وينسخه ويذهب من قلبك ثم قال تعالى: { إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ } يعني: يعلم العلانية والسر، ويقال ما يجهر به الإمام في الفجر والمغرب والعشاء والجمعة وما يخفى يعني: في الظهر والعصر والسنن، ويقال "يعلم" ما يظهر من أفعال العباد وأقوالهم "وما يخفى" من أقوالهم وأفعالهم، ويقال "يعلم" ما عمل العباد "وما يخفى" يعني ما لم يعملوه وهم عاملوه ثم قال عز وجل: { وَنُيَسّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ } يعني: سنهوّن عليك حفظ القرآن وتبليغ الرسالة، ويقال يعني: نعينك على الطاعة، قوله تعالى: { فَذَكّرْ } يعني: فعِظْ بالقرآن الناس { إِن نَّفَعَتِ ٱلذّكْرَىٰ } يعني: إن نفعتهم العظة ومعناه ما نفعت العظة بالقرآن إلا لمن يخشى ويقال إن نفعت الذكرى يعني إن قولك ودعوتك تنفع لكل قلب عاقل ويقال (سنيسرك لليسرى) يعني: نهون عليك عمل أهل الجنة ثم قال: { سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ } يعني: يتعظ بالقرآن من يخشى الله تعالى ويسلم ويقال معناه سيتعظ ويؤمن ويعمل صالحاً من يخشى قلبه من عذاب الله تعالى { وَيَتَجَنَّبُهَا } يعني: يتباعد عنها يعني عن عظتك { ٱلأَشْقَى } يعني: الشقي الذي وجب في علم الله تعالى أنه يدخل النار مثل الوليد وأبي جهل ومن كان مثل حالهما { ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ } يعني: يدخل يوم القيامة النار الكبرى يعني: النار العظمى لأن نار الدنيا هي النار الصغرى ونار الآخرة هي النار الكبرى، وروى يونس عن الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم وقد غمست في النار مرتين ليُدنى منها ويُنتفع بها ولولا ذلك ما دنوتم منها" ويقال إنها تستجير أن ترد إلى جهنم يعني تتعوذ منها وقال بعض الحكماء: علامة الشقاوة تسع أشياء كثرة الأكل، والشرب، والنوم، والإصرار على الذنب، والغيبة، وقساوة القلب، وكثرة الذنوب، ونسيان الموت، والوقوف بين يدي الملك عز وجل، وهذا هو الشقي الذي يدخل النار الكبرى { ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ } يعني: لا يموت في النار حتى يستريح من عذابها ولا يحيا حياة تنفعه، وقال القتبي معناه: هو العذاب بحال من يموت ولا يموت.