التفاسير

< >
عرض

فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ
١٥
وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَهَانَنِ
١٦
كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ ٱلْيَتِيمَ
١٧
وَلاَ تَحَآضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ
١٨
وَتَأْكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً
١٩
وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبّاً جَمّاً
٢٠
كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ ٱلأَرْضُ دَكّاً دَكّاً
٢١
وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً
٢٢
-الفجر

بحر العلوم

قال عز وجل: { فَأَمَّا ٱلإِنسَـٰنُ إِذَا مَا ٱبْتَلـٰهُ رَبُّهُ } قال الكلبي ومقاتل نزلت في "أمية بن خلف" ويقال في أبي بن خلف إذا ما ابتلاه يعني اختبره ربه { فَأَكْرَمَهُ } يعني: ورزقه { وَنَعَّمَهُ } يعني أعطاه النعمة { فَيَقُولُ رَبّى أَكْرَمَنِ } يعني: اجتباني وفضلني وأنا أهل لذلك { وَأَمَّا إِذَا مَا ٱبْتَلَـٰهُ } بالفقر { فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ } قرأ أبو عمرو وابن عامر في إحدى الروايتين "فقدّر" بالتشديد والباقون بالتخفيف ومعناهما واحد أي فقتر عليه رزقه وأصابه الجوع والأمراض { فَيَقُولُ رَبّى أَهَانَنِ } يعني: طردني وعاقبني شكاية لربه قال الله تعالى { كَلاَّ } أي حقاً يعني: ليس إهانتي وإكرامي في نزع المال والولد والفقر والمرض ولكن إهانتي في نزع المعرفة وإكرامي بتوفيق المعرفة والطاعة وقال قتادة لم يكن الغنى من كرامة ولم يكن الفقر من الذل. ولكن الكرامة مني بتوفيق الإسلام والهوان مني بالخذلان عنه إنما المكرم من أكرم بطاعتي والمهان من أهين بمعصيتي ثم قال { بَل لاَّ تُكْرِمُونَ ٱلْيَتِيمَ } يعني: لا تعطون حق اليتيم وكان في حجر أمية بن خلف يتيم لا يؤدي حقه فنزلت الآية بسببه فصار فيها عظة لجميع الناس قرأ أبو عمرو وابن عامر في إحدى الروايتين فقدر بالتشديد والباقون بالتخفيف ومعناهما واحد ثم قال عز وجل: { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } يعني: لا يحثون أنفسهم ولا غيرهم على طعام المسكين ويقال لا تحاضون على إطعام المسكين ويقال لا يحض بعضهم بعضاً قرأ حمزة والكسائي وعاصم ولا تحاضون بالألف يعني: لا يحث بعضهم بعضاً وقرأ أبو عمرو ولا يحضون بالياء يعني: لا يحثون والباقون لا تحضون بالتاء على المخاطبة ثم قال: { وَتَأْكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ } يعني: الميراث { أَكْلاً لَّمّاً } يعني: شديداً كقولك لممت الشيء إذا جمعته ومعناه يأكلون مال اليتيم أكلاً شديداً سريعاً { وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ } يعني كثرة المال وجمع المال { حُبّاً جَمّاً } يعني: شديداً ويقال كثيراً قرأ أبو عمرو ويكرمون ويأكلون ويحبون كلها بالياء على معنى الخبر عنهم والباقون بالتاء على معنى الخطاب لهم ثم قال عز وجل { كَلاَّ } يعني: حقاً { إِذَا دُكَّتِ ٱلأَرْضُ دَكّاً دَكّاً } يعني: زلزلت الأرض زلزالها والتكرار للتأكيد ثم قال: { وَجَاء رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ } قال بعضهم هذا من المكتوم الذي لا يفسر وقال أهل السنة وجاء ربك بلا كيف وقال بعضهم معناه وجاء أمر ربك بالحساب والملك { صَفّاً صَفّاً } يعني: صفوفاً كصفوف الملائكة وأهل الدنيا في الصلاة.