التفاسير

< >
عرض

وَجِيۤءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ
٢٣
يَقُولُ يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي
٢٤
فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ
٢٥
وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ
٢٦
يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ
٢٧
ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً
٢٨
فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي
٢٩
وَٱدْخُلِي جَنَّتِي
٣٠
-الفجر

بحر العلوم

قال عز وجل: { وَجِىء يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ } تحضر وتدنو من الكفار وروي عن عبد الرحمن بن حاطب قال كنا جلوساً عند كعب يذكّرنا فجاء عمر رضي الله عنه فجلس ناحيته وقال ويحك يا كعب خوّفنا فقال كعب إن جهنم لتقرب يوم القيامة لها زفير وشهيق حتى إذا قربت ودنت زفرت زفرة لا يبقى نبي ولا صديق إلا وهو يخر ساقطاً على ركْبتيه فيقول اللهم لا أسألك اليوم إلا نفسي ولو كان لك يا ابن الخطاب عمل سبعين نبياً لظننت أن لا تنجو فقال عمر رضي الله عنه والله إن الأمر لشديد ثم قال { يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَـٰنُ } يعني: يتعظ الكافر { وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذّكْرَىٰ } يعني: من تنفعه العظة ويقال يومئذ يتذكر الإنسان يعني يظهر الإنسان التوبة يعني: أين له التوبة يعني كيف تنفعه التوبة يومئذ { يَقُولُ يٰلَيْتَنِى قَدَّمْتُ لِحَيَاتِى } يعني: يا ليتني عملت في حياتي الفانية لحياتي الباقية ثم قال عز وجل: { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } قرأ الكسائي لا يعذب بنصب الذال ولا يوثق بنصب التاء والباقون كلاهما بالكسر فمن قرأ بالنصب فمعناه ولا يعذب عذاب هذا الصنف من الكفار أحد وكذلك لا يوثق وثاقه أحد ومن قرأ بالكسر معناه لا يتولى يوم القيامة عذاب الله أحد الملك يومئذ لله وحده والأمر بيده ويقال معناه لا يقدر أحد من الخلق أن يعذب كعذاب الله تعالى ولا يوثق في الغل والصفد كوثاق الله. ثم قال عز وجل: { يأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ } التي اطمأنت بلقاء الله عز وجل ويقال المطمئنة يعني: الراضية بثواب الله تعالى القانعة بعطاء الله الشاكرة لنعمائه تعالى يقال لها عند الفراق من الدنيا { ٱرْجِعِى إِلَىٰ رَبّكِ } يعني: ارجعي إلى ثواب ربك إلى ما أعد الله لك في الجنة ويقال له يوم القيامة { رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَٱدْخُلِى فِى عِبَادِى } يعني: مع عبادي الصالحين في الجنة { وَٱدْخُلِى جَنَّتِى } يعني: ادخلي الجنة بلا حساب ويقال هذا الخطاب لأهل الدنيا يعني أيتها النفس المطمئنة في الدنيا التي أمنت من عذاب الله ارجعي إلى ربك راضية مرضية يعني: فادخلي في عبادي يعني: ادخلي في عبادي وفي طاعتي وادخلي في جنتي ويقال معناه تقول الملائكة يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ما أعد الله لك راضية (فادخلي في عبادي) على محض التقديم يعني يا أيتها النفس المطمئنة الراضية بما أعطيت من الثواب مرضية بما عملت وادخلي جنتي مع عبادي والله تعالى أعلم.