التفاسير

< >
عرض

لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ
١٢٨
فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ
١٢٩
-التوبة

بحر العلوم

قوله { لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ } قال مقاتل: يعني أهل مكة قد جاءكم رسول من أنفسكم تعرفونه ولا تنكرونه. ويقال هذا الخطاب لجميع العرب. { لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ } يعني محمداً - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَنفُسِكُمْ يعني من جميع العرب. لأنه لم يكن في العرب قبيلة إلا ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها قرابة وهذا من المجاز والاستعارة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان فيهم ولم يجىء من موضع آخر. معناه ظهر فيكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ويقال هذا الخطاب لجميع الناس { لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ } يعني آدمياً مثلكم. قرأ بعضهم من أَنفَسِكُمْ بنصب الفاء يعني من أشرفكم وأعزكم وهي قراءة شاذة. ثم قال تعالى { عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ } يعني شديد عليه ما أثمتم وعصيتم { حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ } قال الكلبي: يعني على إيمانكم. وقال مقاتل: حريص عليكم بالرشد والهدى. وقال قتادة حريص على من لم يسلم أن يسلم. ثم قال { بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ } أي رفيق بجميع المؤمنين رحيم بهم ثم قال الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - { فَإِن تَوَلَّوْاْ } يعني إن أعرضوا عنك ولم يؤمنوا بك { فَقُلْ حَسْبِىَ ٱللَّهُ } يعني قل كفاني الله وفوضت أمري إلى الله ووثقت به { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } يعني لا ناصر ولا رازق ولا معين إلاّ هو { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } يعني به أثق { وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } يعني خالق السرير العظيم. أعظم من السموات والأرض. وقرأ بعضهم الْعَظيمُ بالرفع فجعل العظيم من نعت الله تعالى وقراءة العامة الْعَظِيمِ بالخفض ويكون العظيم نعتاً للعرش، وذكر عن عثمان بن عفان أنه لما جمع القرآن في المصحف. [كان لا يثبت آية في المصحف] حتى يشهد بها رجلان، فجاء خزيمة بن ثابت بهاتين الآيتين { لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ } إلى آخر السورة فلم يطلب منه البينة وأثبته في المصحف. وروي عن حذيفة أنه قال: يسمون سورة براءة سورة التوبة وهي سورة العذاب. عن ابن عباس أنه قال كنا نسميها الفاضحة. فما زالت تنزل [في المنافقين] "ومنهم" حتى أشفق كل واحد على نفسه "والله أعلم بالصواب"