التفاسير

< >
عرض

لاَ أُقْسِمُ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ
١
وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ
٢
وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ
٣
لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِي كَبَدٍ
٤
-البلد

بحر العلوم

قوله تعالى: { لاَ أُقْسِمُ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } يعني: أقسم بهذا البلد ولا صلة في الكلام ومعناه أقسم برب هذا البلد الذي ولد فيه يعني مكة { وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } يحلها يوم فتح مكة معناه فسيحل لك هذا البلد يعني: القتال فيه ساعة من النهار ولم يحل لك أكثر من ذلك وروى عبد الملك عن عطاء في قوله (وأنت حل بهذا البلد) وقال إن الله تعالى حرم مكة فجعلها حراماً يوم خلق السموات والأرض وهي حرام إلى أن تقوم الساعة ولم تحل إلا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ساعة من النهار وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه دخل بالبيت يوم الفتح ووضع يده على باب الكعبة فقال "لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ألا إن الله تعالى حرم مكة يوم خلق السموات والأرض فهي حرام لي بحرام الله تعالى إلى يوم القيامة لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي ولم تحل لي إلا ساعة من نهار" ثم قال عز وجل: { وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } ووالد يعني: آدم وما ولد يعني ذريته ويقال كل والد وكل مولود وقال عكرمة ووالد الذي يلد وما ولد التي لم تلد من النساء والرجال { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ فِى كَبَدٍ } يعني: معتدل الخلق والقامة فأقسم بمكة وبآدم وذريته. { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ } منتصباً قائماً على رجلين وقال مقاتل نزلت الآية في حارث بن عامر بن نوفل وروى مقسم عن ابن عباس في قوله "لقد خلقنا الإنسان (في كبد) " قال خلق كل شيء يمشي على أربع إلا الإنسان فإنه خلق منتصباً وهذا كقوله { { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ فِىۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } [التين:4] ويقال (لقد خلقنا الإنسان في كبد) يعني: في مشقة وتعب، وروي عن ابن رفاعة عن سعيد بن الحسن عن الحسن البصري في قوله "لقد خلقنا الإنسان في كبد" قال سعيد يكابد مضايق الدنيا وشدائد الآخرة، وقال الحسن لم يخلق الله تعالى خليقة يكابد مكابدة ما يكابد ابن آدم، وروي عن عطاء عن ابن عباس يقول خلق في شدة يعني مولده ونبات أسنانه وغير ذلك ويقال معناه ولقد خلقنا الإنسان في كبد وهي المضغة مثل الكبد دماً غليظاً ثم يصير مضغة.