التفاسير

< >
عرض

وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا
١
وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا
٢
وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا
٣
وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا
٤
وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا
٥
وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا
٦
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا
٧
فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا
٨
قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا
٩
وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا
١٠
-الشمس

بحر العلوم

قوله تعالى { وَٱلشَّمْسِ وَضُحَـٰهَا } أقسم الله تعالى بالشمس وضوئها وحرها ويقال بخالق الشمس وضحاها يعني: ارتفاع النهار ويقال: حر الشمس يسمى ضحى قرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم وضحها بالتفخيم وكذلك تلاها إلى آخر السورة وقرأ حمزة والكسائي كلها بالإمالة وقرأ نافع وأبو عمرو بين ذلك ثم قال عز وجل { وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلـٰهَا } يعني يتبع الشمس والهاء كناية عن الشمس وقال قتادة والشمس هو النهار والقمر إذا تلاها قال يتلوها صبيحة الهلال وإذا سقطت الشمس رأيت الهلال عند سقوطها ثم قال عز وجل: { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلَّـٰهَا } يعني إذا أضاء واستنار فقال القتبي هذا من الاختصار والنهار إذا جلاها ويعني والأرض أو الدنيا يعني النهار إذا أضاء الدنيا وقال الكلبي معناه إذا جلى النهار ظلمة الليل ثم قال عز وجل { وَٱلَّيْلِ إِذَا يَغْشَـٰهَا } يعني غطى ضوء النهار ويقال والليل إذا يغشاها يعني غطى الأرض وسترها ثم قال { وَٱلسَّمَاء وَمَا بَنَـٰهَا } يعني خلقها ويقال والسماء وما بناها يعني الله تعالى بناها فأقسم بنفسه ويقال ما للصلة ومعناه: والسماء وبنائها ثم قال عز وجل { وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَـٰهَا } يعني والذي بسطها على الماء من تحت الكعبة ثم قال { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } يعني ونفس والذي سوى خلقها ويقال ونفس وما خلقها { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } يعني: ألهمها الطاعة والمعصية ويقال عرفها وبين لها ما تأتى وما تذر ثم قال عز وجل { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّـٰهَا } يعني: أصلحها الله وعرفها وهذا جواب القسم لقد أفلح ولكن اللام حذفت لثقلها لأن الكلام طال ثم قال { وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّـٰهَا } يعني: خسر من أغفلها وأغواها وخذلها وأضلها وقال القتبي معناه قد أفلح من زكى نفسه أي أنماها وأعلاها بالطاعة والبر والصدقة وقد خاب من دساها يعني نقصها وأخفاها بترك عمل البر وبركوب عمل المعاصي وأصله دسس فجعل مكان إحدى السينين ياء كما يقال قصيت أظفاري وأصله قصصت قال وأصل هذا أن أجواد العرب كانوا ينزلون في أرفع المواضع ويوقدون من النار للطارقين لتكون أنفسهم أشهر واللئام ينزلون الأطراف والأهضام لتخفي أماكنهم على الطارقين فأخفوا أنفسهم والبار أيضاً أظهر نفسه بأعمال البر والفاجر دساها ويقال: إن الله تعالى يطلب من عباده المؤمنين يوم القيامة ستة أشياء: بمكان النعمة الشكر وبمكان الشدة وبمكان الصحة العمل بالطاعة وبمكان الذنوب التوبة وبمكان العمل الإخلاص فمن يجييء بهذه الأشياء فقد أفلح ونما ومن لم يجييء بهذه الأشياء فقد خسر وغبن.