التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ
١
وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ
٢
ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ
٣
وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ
٤
-الشرح

بحر العلوم

قوله تعالى { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } هو معطوف على قوله { { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ } [الضحى:6] وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "سألت ربي مسألة ووددت أني َلم أسألها قط، فقلت اتخذت إبراهيم خليلاً وكلمت موسى تكليماً فقال الله تعالى ألم يجدك يتيماً فآوى؟ قلت بلى: قال { وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ } [الضحى: 7] قلت بلى! قال { وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ } [الضحى: 8] قلت بلى! قال { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ }" الآية وروي عن بعض المتقدمين أنه قال: سورة (التوبة والأنفال) بمنزلة سورة واحدة وسورة (ألم نشرح لك والضحى) بمنزلة سورة واحدة وسورة (لإيلاف قريش وألم تر كيف فعل ربك) بمنزلة سورة واحدة.
قال (ألم نشرح لك صدرك): يعني ألم نوسع قلبك بالتوحيد والإيمان وهذا قول مقاتل وقال الكلبي أتاه جبريل فشرح صدره حتى أبدى قلبه ثم جاء بدلو من ماء زمزم فغسله وأنقاه مما فيه ثم جاء بطشت من ذهب قد ملىء علماً وإيماناً فوضعه فيه. ويقال الانشراح للعلم حتى علم أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان مؤمناً من وقت الميثاق فشق صدره على جهة المثل فيعبر به عنه ويقال ألم نشرح لك صدرك يعني ألم نلين قلبك بقبول الوحي وحب الخيرات ويقال معناه ألم نطهر لك قلبك حتى لا يؤذيك الوسواس كسائر الناس؟ ويقال معناه ألم نشرح يعني نوسع لك قلبك بالعلم كقوله (وعلمك ما لم تكن تعلم) ثم قال: { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } يعني غفرنا لك ذنبك كقوله
{ { لّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } [الفتح: 2] ويقال غفرنا لك ذنبك وذلتك بترك الاستثناء ويقال معنى (ووضعنا عنك وزرك) يعني عصمناك من الذنوب. { ٱلَّذِى أَنقَضَ ظَهْرَكَ } لو لم يعصمك الله لأثقل ظهرك، ويقال معناه أخرجنا من قلبك الأخلاق السيئة وطبائع السوء الذي أنقض ظهرك يعني التي لو لم ننزعها عن قلبك لأثقل عليك حمل النبوة والرسالة ثم قال عز وجل { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } يعني في التأذين والخطب حتى لا أذكر إلا وذكرت معي يعني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل يوم خمس مرات في الأذان والإقامة.