التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ
٦
أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ
٧
إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ
٨
أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ
٩
عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ
١٠
أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ
١١
أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ
١٢
أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ
١٣
أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ
١٤
-العلق

بحر العلوم

قال عز وجل { كَلاَّ } يعني: حقاً { إِنَّ ٱلإِنسَـٰنَ لَيَطْغَىٰ } يعني الكافر ليعصي الله ويقال: يرفع منزلة نفسه { أَن رَّءاهُ ٱسْتَغْنَىٰ } يعني: أن رأى نفسه مستغنياً عن الله تعالى مثل أبي جهل وأصحابه، ومثل فرعون حيث ادعى الربوبية قال أبو الليثرحمه الله حدثنا أبو جعفر بن عوف عن الأعمش عن القاسم قال قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، منهومان لا يشبعان: طالب العلم وطالب الدنيا ولا يستويان أما طالب العلم فيزداد رضا الله، وأما طالب الدنيا فيزداد في الطغيان ثم قال (كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى) ثم قال { إِنَّ إِلَىٰ رَبّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } يعني المرجع إلى الله تعالى يوم القيامة، ويقال معناه: رجوع الخلائق كلهم بعد الموت إلى الله تعالى فيحاسبون ويجازون فريق في الجنة وفريق في السعير قوله تعالى: { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِى يَنْهَىٰ عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى في المسجد رفع صوته بالقراءة فلغطوا ورموه بالحجارة فخفض صوته في الصلاتين الظهر والعصر إذا حضروا وأما صلاة المغرب اشتغلوا بالعشاء وصلاة العشاء ناموا وصلاة الفجر لم يقوموا فرفع في هذا فصار سنة إلى اليوم فنزل "أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى" ويقال إن أبا جهل بن هشام قال: لئن رأيت محمداً - صلى الله عليه وسلم - يصلي لأطأنّ عنقه فنزل (أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى) يعني ألم تر أن هذا الكافر ينهى عبد الله عن الصلاة وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - ثم قال { أَرَءيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } يعني: محمداً - صلى الله عليه وسلم - إن كان على الإسلام { أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } يعني التوحيد ثم قال: { أَرَءيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } يعني: (إن كذب) بالتوحيد { وَتَوَلَّىٰ } عن الإسلام. { أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ } أفعاله فيجازيه وهذا جواب لجميع ما تقدم من قوله: (أرأيت) ويقال في الآية إضمار وهو قوله (أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى): يعني بهذا الذي يصنع ويؤذي محمداً - صلى الله عليه وسلم - أليس هو على ضلالة أليس هو قد نهى عن الصلاة والخيرات أرأيت إن كان على الهدى يعني أرأيت أيها الناهي إن كان المصلي على الهدى أو أمر بالتقوى يعني بالتوحيد واجتناب المعاصي فينهاه عن ذلك