قال { كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ } يعني: حقاً لئن لم يمتنع أبو جهل عن إيذاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يتب ولم يسلم قبل الموت { لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } يعني لنأخذ به بالناصية أخذاً شديداً يعني يؤخذ بنواصيه يوم القيامة ويطوى مع قدميه ويطرح في النار فنزلت الآية في شأن أبي جهل وهي عظة لجميع الناس وتهديد لمن يمنع عن الخير وعن الطاعة ثم قال عز وجل { نَاصِيَةٍ كَـٰذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } جعل الكاذبة صفة الناصية وإنما أراد صاحب الناصية يعني ناصية كاذبة على الله تعالى خاطئة يعني مشركة وقال مجاهد: الذي يجحد ويأكل رزق الله تعالى ويعبد غيره، ثم قال عز وجل { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } يعني قل يا محمد - صلى الله عليه وسلم - فليدع أهل مجلسه وأصحابه الكفرة حتى { سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } يعني الملائكة هم ملائكة العذاب غلاظ شداد والزبانية أخذ من الزَّبْن وهو الدفع وإنما سمّوا الزبانية لأنهم يدفعون الكفار إلى النار ويقال إنما سموا زبانية لأنهم يعملون بأرجلهم كما يعملون بأيديهم، وروي في الخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قرأ بهذه السورة وبلغ إلى قوله لنسفعاً بالناصية قال أبو جهل أنا أدعو قومي حتى يمنعوا عني ربك قال الله تعالى { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } فلما سمع ذكر الزبانية رجع فزعاً فقيل له خشيت منه قال لا ولكن رأيت عنده فارساً فهددني بالزبانية فلا أدري ما الزبانية ومال إلى الفارس فخشيت أن يأكلني. وروى عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هدد أبا جهل فقال لِمَ تهددني؟ فوالله علمتَ أني أكثر أهل الوادي نادياً لئن دعوتُ يعني أهل مجلسي منعوني عن ربك فنزل (فليدع ناديه سندع الزبانية) قال ابن عباس رضي الله عنه لو دعا ناديه أخذته الزبانية ثم قال { كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ } يعني: حقاً لا تطعه في ترك الصلاة يا محمد { وَٱسْجُدْ } يعني: صل لله تبارك وتعالى { وَٱقْتَرِب } يعني صل واقترب إلى ربك بالأعمال الصالحة، وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ألا يرى إلى قوله (واسجد واقترب) يعني: اقترب إلى ربك بالسجود واعلم أن السجود أربعة أحرف: السين سرعة المطيعين والجيم جهد العابدين والدال دوام المجتهدين والهاء هداية العارفين ويقال السين سرور العارفين الجيم جمال العابدين والدال دولة المطيعين والهاء هبة الصديقين.