التفاسير

< >
عرض

لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ
١
رَسُولٌ مِّنَ ٱللَّهِ يَتْلُواْ صُحُفاً مُّطَهَّرَةً
٢
فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ
٣
وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ
٤
وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ
٥
-البينة

بحر العلوم

قوله تعالى: { لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ } يعني: اليهود والنصارى { وَٱلْمُشْرِكِينَ } يعني: عبدة الأوثان { مُنفَكّينَ } يعني: غير منتهين عن كفرهم وعن قولهم الخبيث { حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيّنَةُ } يعني: حتى أتاهم البيان فإذا جاءهم البيان فريق منهم انتهوا وأسلموا، وفريق ثبتوا على كفرهم، ويقال لم يزل الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين حتى وجب في الحكمة علينا في هذا الحال إرسال الرسول إليهم، ويقال معناه: لم يكونوا منتهين عن الكفر حتى أتاهم الرسول والكتاب فلما آتاهم الكتاب والرسول تابوا ورجعوا عن كفرهم وهم مؤمنو أهل الكتاب والذين أسلموا من مشركي العرب. وقال قتادة (البينة) أراد به محمداً - صلى الله عليه وسلم - ، وقال القتبي (منفكين) أي زائلين يقال لا أنفك من كذا أي لا أزول قوله تعالى: { رَسُولٌ مّنَ ٱللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً } يعني: قرآناً مطهراً من الزيادة والنقصان، ويقال مطهراً من الكذب والتناقض ويقال (صحفاً مطهرة) أي أمور مختلفة ويقال سمي القرآن صحفاً من كثرة السور { فِيهَا كُتُبٌ قَيّمَةٌ } يعني: صادقة مستقيمة لا عوج فيها ويقال: كتب قيمة: يعني تدل على الصواب والصلاح ولا تدل على الشرك والمعاصي. ثم قال عز وجل { وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ } يعني: وما اختلفوا في محمد - صلى الله عليه وسلم - وهم اليهود والنصارى { إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ ٱلْبَيّنَةُ } يعني: بعدما ظهر لهم الحق فنزل القرآن على محمد - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: { وَمَا أُمِرُواْ } يعني: وما أمرهم محمد - صلى الله عليه وسلم - { إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ } يعني: ليوحدوا الله ويقال وما أمروا في جميع الكتب إلا ليعبدوا الله يعني يوحدوا الله { مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ حُنَفَاء } مسلمين روي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال: حنفاء يعني: متبعين وقال الضحاك حنفاء: يعني حجاجاً يحجون بيت الله تعالى ثم قال: { وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ } يعني يقرون بالصلاة ويؤدونها في مواقيتها. { وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ } يعني يقرون بها ويؤدونها. { وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيّمَةِ } يعني: المستقيم لا عوج فيه: يعني الإقرار بالتوحيد وبالصلاة والزكاة وإنما بلفظ التأنيث (القيمة) لأنه انصرف إلى المعنى والمراد به الملة. يعني: الملة المستقيمة لا عوج فيها يعني هذا الذي يأمرهم محمد - صلى الله عليه وسلم - وبهذا أمروا في جميع الكتب.