التفاسير

< >
عرض

إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا
١
وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا
٢
وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا
٣
يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا
٤
بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا
٥
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ
٦
-الزلزلة

بحر العلوم

قوله تعالى: { إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } وذلك أن الناس كانوا يرون في بدء الإسلام أن الله تعالى لا يؤاخذ بالصغائر من الذنوب ولا يعاقب إلا في الكبائر حتى نزلت هذه السورة وقال (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعـمل مثقال ذرة شراً يره) وذكر أهوال ذلك اليوم وبين أن القليل في ذلك اليوم يكون كثيراً فقال (إذا زلزلت الأرض زلزالها) يعني تزلزلت الأرض عند قيام الساعة وتحركت واضطربت حتى يتكسر كل شيء عليها، ويقال سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قيام الساعة فنزل وبين متى يكون قيام الساعة فقال (إذا زلزلت الأرض زلزالها) يعني تزلزلت الأرض وتحركت تحركاً وهو كقوله { { وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً } } [نوح: 18] والمصدر للتأكيد قوله تعالى: { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } يعني أظهرت ما فيها من الكنوز والأموات { وَقَالَ ٱلإِنسَـٰنُ مَا لَهَا } يعني يقول الإنسان الكافر ما لها يعني للأرض على وجه التعجب { يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أَخْبَارَهَا } يعني تخبر الأرض بكل ما عَمِلَ عليها بنو آدم من خير أو شر، تقول للمؤمنين صلّى عليَّ وحج واعتمر وجاهد فيفرح المؤمن، وتقول للكافر أشرك وسرق وزنا وشرب الخمر فيحزن الكافر فيقول مالها؟ يعني ما للأرض تحدث بما عمل عليها؟ على وجه التقديم والتأخير ومعناه يومئذٍ تحدث أخبارها (وقال الإنسان مالها) يقول الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } يعني أن الأرض تحدث بأن ربك أذن لها في الكلام وألهمها { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً } يعني يرجع الناس متفرقين فريق في الجنة وفريق في السعير فريق مع الحور العين يتمتعون وفريق مع الشياطين يعذبون، فريق على السندس والديباج على الأرائك متكئون، وفريق في النار على وجوههم يُجَرُّونَ، اللهم في الدنيا هكذا كانوا فريقاً حول المساجد والطاعات وفريق في المعاصي والشهوات فذلك قوله (يومئذ يصدر الناس أشتاتاً) يعني فِرقاً فِرَقاً { لّيُرَوْاْ أَعْمَـٰلَهُمْ } يعني ثواب أعمالهم وهكذا كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "ما من أحد يوم القيامة إلا ويلوم نفسه فإن كان محسناً يقول لِمَ لَمْ ازدَدْ إحساناً وإن كان غير ذلك يقول ألا رغبت عن المعاصي؟" وهذا عند معاينة الثواب والعقاب وقال أبيّ بن كعب الزلزلة لا تخرج إلا من ثلاثة: إما نظر الله تعالى بالهيبة إلى الأرض، وإما لكثرة ذنوب بني آدم، وأما لتحرك الحوت التي عليها الأرضون السبع تأديباً للخلق وتنبيهاً