التفاسير

< >
عرض

وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوۤاْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ ٱقْضُوۤاْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ
٧١
فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ
٧٢
فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنْذَرِينَ
٧٣
-يونس

النكت والعيون

قوله عز وجل: { ... فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكآءَكُمْ } فيه وجهان:
أحدهما: فاجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم لنصرتكم، قاله الفراء.
الثاني: فاجمعوا أمركم مع شركائكم على تناصركم، قاله الزجاج.
وفي هذا الإجماع وجهان:
أحدهما: أنه الإعداد.
الثاني: أنه العزم.
{ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً } فيه تأويلان:
أحدهما: أن الغمة ضيق الأمر الذي يوجب الغم.
الثاني: أنه المغطى، من قولهم: قد غم الهلال إذا استتر.
وفي المراد بالأمر ها هنا وجهان:
أحدهما: من يدعونه من دون الله تعالى.
الثاني: ما هم عليه من عزم.
{ ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: ثم انهضوا،قاله ابن عباس.
الثاني: ثم اقضوا إليّ ما أنتم قاضون، قاله قتادة.
الثالث: اقضوا إليّ ما في أنفسكم، قاله مجاهد.
{ وَلاَ تُنظِرُونَ } قال ابن عباس: ولا تؤخروني.
قوله عز وجل: { فَإِن تَوَلَّيْتُمْ } يعني عن الإيمان.
{ فَمَا سَأَلْتُكُم مِنْ أَجْرٍ } يحتمل وجهين:
أحدهما: فما سألتكم من أجر تستثقلونه فتمتنعون من الإجابة لأجله، { إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ }.
والثاني: فما سألتكم من أجر إن انقطع عني ثقُل علي.
{ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ } وقد حصل بالدعاء لكم إن أجبتم أو أبيتم.
{ أمِرتُ أن أكونَ مِنَ المُسْلِمينَ } أي من المستسلمين لأمر الله بطاعته.
قوله عز وجل: { فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ في الْفُلْكِ } قال ابن عباس: كان في سفينة نوح عليه السلام ثمانون رجلاً أحدهم جرهم وكان لسانه عربياً، وحمل فيها من كل زوجين اثنين، قال ابن عباس فكان أول ما حمل الذرة وآخر ما حمل الحمال ودخل معه إبليس يتعلق بذنبه.
{ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ } أي خلفاً لمن هلك بالغرق.
{ وَأَغْرَقُنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآياتِنَا } حكى أبو زهير أن قوم نوح عاشوا في الطوفان أربعين يوماً. وذكر محمد بن إسحاق أن الماء بقي بعد الغرق مائة وخمسين يوماً، فكان بين أن أرسل الله الطوفان إلى أن غاض الماء ستة أشهر وعشرة أيام وذلك مائة وتسعون يوماً. قال محمد بن إسحاق لما مضت على نوح أربعون ليلة فتح كوة السفينة ثم أرسل منها الغراب لينظر ما فعل الماء فلم يعد، فأرسل الحمامة فرجعت إليه ولم تجد لرجلها موضعاً، ثم أرسلها بعد سبعة أيام فرجعت حيث أمست وفي فيها ورقة زيتونة فعلم أن الماء قد قل على الأرض، ثم أرسلها بعد سبعة أيام فلم تعد فعلم أن الأرض قد برزت، وكان استواء السفينة على الجودي لسبع عشرة ليلة من الشهر السابع فيما ذكر،والله أعلم.