التفاسير

< >
عرض

ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ
١
ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ
٢
يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ
٣
كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي ٱلْحُطَمَةِ
٤
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ
٥
نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ
٦
ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ
٧
إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ
٨
فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ
٩
-الهمزة

النكت والعيون

قوله تعالى { وَيْلٌ لكلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ } فيه أربعة تأويلات:
أحدها: أن الهمزة المغتاب، واللمزة العيّاب، قاله ابن عباس، ومنه قول زياد الأعجم:

تُدْلي بوُدّي إذا لاقيتني كَذِباً وإن أُغَيّبْ فأنْتَ الهامزُ اللُّمَزة

الثاني: أن الهمزة الذي يهمز الناس، واللمزة الذي يلمزهم بلسانه، قاله ابن زيد.
الثالث: أن الهمزة الذي يهمز في وجهه إذا أقبل، واللمزة الذي يلمزه من خلفه إذا أدبر، قاله أبو العالية، ومنه قول حسان:

همزتك فاخْتَضَعْتَ بذُلَّ نفْسٍ بقافيةٍ تأَجج كالشُّواظِ

الرابع: أن الهمزة الذي يعيب جهراً بيد أو لسان، واللمزة الذي يعيبهم سراً بعين أو حاجب، قاله عبد الملك بن هشام.
قال رؤبة:

في ظل عَصْرَيْ باطِلي وَلَمزِي ..........................

واختلفوا فيمن نزلت فيه على خمسة أقاويل:
أحدها: في أُبي بن خلف، قاله عمار.
الثاني: في جميل بن عامر الجمحي، قاله مجاهد.
الثالث: في الأخنس بن شريق الثقفي، قاله السدي.
الرابع: في الوليد بن المغيرة، قاله ابن جريج.
الخامس: أنها مرسلة على العموم من غير تخصيص، وهو قول الأكثرين.
{ الذي جَمَعَ مَالاً وعَدَّدَه } فيه اربعة أوجه:
أحدها: يعني أحصى عدده، قاله السدي.
الثاني: عددّ أنواع ماله، قاله مجاهد.
الثالث: لما يكفيه من الشين، قاله عكرمة.
الرابع: اتخذ ماله لمن يرثه من أولاده.
ويحتمل خامساً: أنه فاخر بعدده وكثرته.
{ يَحْسَبُ أَنّ مالَه أَخْلَدَهُ } فيه وجهان:
أحدهما: يزيد في عمره، قال عكرمة.
الثاني: يمنعه من الموت، قال السدي.
ويحتمل ثالثاً: ينفعه بعد موته.
{ كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ في الحُطَمَةِ } وفيها ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه اسم باب من أبواب جهنم، قاله ابن واقد، وقال الكلبي هو الباب السادس.
الثاني: أنه اسم درك من أدراك جهنم، وهو الدرك الرابع، قاله الضحاك.
الثالث: أنه اسم من أسماء جهنم، قاله ابن زيد.
وفي تسميتها بذلك وجهان:
أحدهما: لأنها تحطم ما أُلقي فيها، أي تكسره وتهده، ومنه قول الراجز:

إنا حَطْمنا بالقضيب مُصْعَبا يومَ كَسَرنا أَنْفَه ليَغْضَبا

{ التي تَطّلِعُ على الأَفئدةِ } روى خالد بن أبي عمران عن النبي صلى الله عليه وسلم أن النار تأكل أهلها حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت، ثم إذا صدروا تعود، فذلك قوله { نار الله الموقدة، التي تطلع على الأفئدة } ويحتمل اطلاعها على الأفئدة وجهين:
أحدهما: لتحس بألم العذاب مع بقاء الحياة ببقائها.
الثاني: استدل بما في قلوبهم من آثار المعاصي وعقاب على قدر استحقاقهم لألم العذاب، وذلك بما استبقاه الله تعالى من الإمارات الدالة عليه.
{ إنَّها عليهم مْؤْصَدَةٌ } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: مطبقة، قاله الحسن والضحاك.
الثاني: مغلقة بلغة قريش، يقولون آصد الباب إذا أغلقه، قاله مجاهد ومنه قول عبيد الله بن قيس الرقيات:

إن في القَصْر لو دَخَلنْا غَزالاً مُصْفقاً مُوصَداً عليه الحجابُ

الثالث: مسدودة الجوانب لا ينفتح منها جانب، قاله سعيد بن المسيب، وقال مقاتل بن سليمان: لا يدخلها روْح ولا يخرج منها غم.
{ في عَمَدٍ مُمَدَّدةٍ } فيه خمسة أوجه:
أحدها: أنها موصدة بعمد ممددة، قاله ابن مسعود، وهي في قراءته " بعَمَدٍ ممدّدة".
الثاني: أنهم معذبون فيها بعُمد محددة، قاله قتادة.
الثالث: أن العُمد الممدة الأغلال في أعناقهم، قاله ابن عباس.
الرابع: أنها قيود في أرجلهم، قاله أبو صالح.
الخامس: معناه في دهر ممدود، قاله أبو فاطمة.