التفاسير

< >
عرض

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أُوْلَـٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ ٱلأَشْهَادُ هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ
١٨
ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ
١٩
أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ
٢٠
أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
٢١
لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ
٢٢
-هود

النكت والعيون

قوله عز وجل: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً } معناه ومن أظلم لنفسه ممن افترى على الله كذباً بأن يدعي إنزال ما لم ينزل عليه أو ينفي ما أنزل عليه.
{ أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ } وهو حشرهم إلى موقف الحساب كعرض الأمير لجيشه، إلا أن الأمير يعرضهم ليراهم وهذا لا يجوز على الله تعلى لرؤيته لهم قبل الحشر.
{ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هؤلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ } والأشهاد جمع، وفيما هو جمع له وجهان:
أحدهما: أنه جمع شاهد مثل صاحب وأصحاب.
والثاني: جمع شهيد مثل شريف وأشراف.
وفي الأشهاد أربعة أقاويل:
احدها: أنه الأنبياء، قاله الضحاك.
الثاني: أنهم الملائكة، قاله مجاهد.
الثالث: الخلائق، قاله قتادة.
الرابع: أن الأشهاد أربعة: الملائكة والأنبياء والمؤمنون والأجساد، قاله زيد بن أسلم.
قوله عز وجل: { الَّذِينَ يَصُّدُونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ } يعني قريشاً.
وفي سبيل الله التي صدوا عنها وجهان:
أحدهما: أنه محمد صلى الله عليه وسلم صدت قريش عنه الناس، قاله السدي.
والثاني: دين الله تعالى، قاله ابن عباس.
{ وَيَبْغُونَها عِوَجاً } فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: يعني يؤمنون بملة غير الإسلام ديناً، قاله أبو مالك.
الثاني: يبغون محمداً هلاكاً، قاله السدي.
الثالث: أن يتأولوا القرآن تاويلاً باطلاً، قاله عليّ بن عيسى.
قوله عز وجل: { لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن معنى لا جرم: لا بد.
الثاني: أن { لا } عائد على الكفار، أي لا دافع لعذابهم، ثم استأنف فقال: جرم، أي كسب بكفره استحقاق النار، ويكون معنى جرم: كسب، أي بما كسبت يداه، قال الشاعر:

نَصَبنا رأسه في جذع نخل بما جَرَمت يداه وما اعتدينا

أي بما كسبت يداه.
الثالث: أن { لا } زائدة دخلت توكيداً، يعني حقاً إنهم في الآخرة هم الأخسرون. قال الشاعر:

ولقد طعنت أبا عيينة طعنةجرمت فزارُة بعدها أن يغضبوا.

أي أحقتهم الطعنة بالغضب.