قوله عز وجل:{ ذلك لمن خاف مقامي }أي المقام بين يدّي، وأضاف ذلك إليه
لاختصاصه به:
والفرق بين المقام بالفتح وبين المقام بالضم أنه إذا ضم فهو فعل الإقامة، وإذا
فتح فهو مكان الإقامة.
{ وخاف وعيد } فيه وجهان:
أحدهما: أنه العذاب.
والثاني: أنه ما في القرآن من زواجر.
{ واستفتحوا } فيه وجهان:
أحدهما: أن الرسل استفتحوا بطلب النصر، قاله ابن عباس.
الثاني: أن الكفار استفتحوا بالبلاء، قاله ابن زيد.
وفي الاستفتاح وجهان:
أحدهما: أنه الإبتداء.
الثاني: أنه الدعاء، قاله الكلبي.
{ وخاب كلُّ جبار عنيد }في { خاب }وجهان:
أحدهما: خسر عمله.
الثاني: بطل أمله.
وفي{ جبار } وجهان:
أحدهما: أنه المنتقم.
الثاني: المتكبر بطراً.
وفي{ عنيد }وجهان.
أحدهما: أنه المعاند للحق.
الثاني: أنه المتباعد عن الحق، قال الشاعر:
ولست إذا تشاجر أمْرُ قوم بأَوَّلِ مَنْ يخالِفهُم عَنيدا
قوله عز وجل:{ مِن ورائه جهنم }فيه أربعة أوجه:
أحدها: معناه من خلفه جهنم. قال أبو عبيدة: وراء من الأضداد وتقع
على خلف وقدام. جميعاً.
الثاني: معناه أمامه جهنم، ومنه قول الشاعر:
ومن ورائك يومٌ أنت بالغه لا حاضرٌ معجز عنه ولا بادي
الثالث: أن جهنم تتوارى ولا تظهر، فصارت من وراء لأنها لا ترى حكاه ابن
الأنباري.
الرابع: من ورائه جهنم معناه من بعد هلاكه جهنم، كما قال النابغة:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبةً وليس وراءَ الله للمرْءِ مذهب
أراد: وليس بعد الله مذهب.
{ ويسقى من ماءٍ صديد }فيه وجهان:
أحدهما: من ماء مثل الصديد كما يقال للرجل الشجاع أسد، أي مثل الأسد.
الثاني: من ماء كرهته تصد عنه، فيكون الصديد مأخوذاً من الصد.
قوله عز وجل:{ ... ويأتيه الموت مِنْ كل مكان }فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: من كل مكان من جسده حتى من أطراف شعره، قاله إبراهيم التيمي،
للآلام التي في كل موضع من جسده.
الثاني: تأتيه أسباب الموت من كل جهة، عن يمينه وشماله، ومن فوقه وتحته،
ومن قدامه وخلفه، قاله ابن عباس.
الثالث: تأتيه شدائد الموت من كل مكان، حكاه ابن عيسى.
{ وما هو بميتٍ }لتطاول شدائد الموت به وامتداد سكراته عليه ليكون ذلك
زيادة في عذابه.
{ ومن ورائه عذاب غليظ }فيه الوجوه الأربعة الماضية. والعذاب الغليظ هو
الخلود في جهنم.