التفاسير

< >
عرض

فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ
٩٤
إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ
٩٥
ٱلَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلـٰهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
٩٦
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ
٩٧
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ
٩٨
وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ
٩٩
-الحجر

النكت والعيون

قوله عز وجل:{ فاصدع بما تؤمر }فيه ستة تأويلات:
أحدها: فامضِ بما تؤمر، قاله ابن عباس.
الثاني: معناه فاظهر بما تُؤمر، قاله الكلبي. قال الشاعر:

ومَن صادعٌ بالحق يعدك ناطقٌ بتقوى ومَن إن قيل بالجوْر عيّرا

الثالث: يعني إجهر بالقرآن في الصلاة، قاله مجاهد.
الرابع: يعني أعلن بما يوحى إليك حتى تبلغهم، قاله ابن زيد.
الخامس: معناه افرق بين الحق والباطل، قاله ابن عيسى.
السادس: معناه فرق القول فيهم مجتمعين وفرادى، حكاه النقاش.
وقال رؤية: ما في القرآن أعْرَبُ من قوله{ فاصدع بما تؤمر }{ وأعرض عن الجاهلين }فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه منسوخ بقوله تعالى
{ { فاقتلوا المشركين } [التوبة:5] قاله ابن عباس.
الثاني: أعرض عن الاهتمام باستهزائهم.
الثالث: معناه بالاستهانة بهم، قاله ابن بحر.
ثم فيه وجهان:
أحدهما: اصدع الحق بما تؤمر من اظهاره.
الثاني: اصدع الباطل بما تؤمر من إبطاله.
قوله تعالى:{ إنّا كفيناكَ المستهزئينَ }وهم خمسة: الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، وأبو زمعة، والأسود بن عبد يغوث، والحراث بن الطلاطلة. أهلكهم الله جميعاً قبل بدر لاتسهزائهم برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وسبب هلاكهم ما حكاه مقسم وقتادة أن الوليد بن المغيرة ارتدى فعلق سهم بردائه، فذهب فجلس فقطع أكحله فنزف فمات. وأما العاص بن وائل فوطىء على شوكة، فتساقط لحمه عن عظامه، فمات، وأما أبو زمعة فعمى. وأما الأسود بن عبد يغوث فإنه أتى بغصن شوك فأصاب عينيه، فسالت حدقتاه على وجهه، فكان يقول: [دعا] عليّ محمد فاستجيب له، ودعوت عليه فاستجيب لي، دعا عليّ أن أعمى فعميت، ودعوت عليه أن يكون طريداً بيثرب، فكان كذلك، وأما الحارث بن الطلاطلة فإنه استسقى بطنه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل [حين] نزل عليه بقوله تعالى: { إنا كفيناك المستهزئين }
"دع لي خالي" يعني الأسود بن الطلاطلة فقال له: كفيت.
قوله عز وجل: { ولقد نعلم أنّك يضيق صدرك }أي قلبك لأن الصدر محل القلب.
{ بما يقولون }يعني من الاستهزاء، وقيل من الكذب بالحق.
{ فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين } فيه وجهان:
أحدهما: الخاضعين.
الثاني: المصلين.
{ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين }فيه وجهان:
أحدهما: الحق الذي لا ريب فيه من نصرك على أعدائك، قاله شجرة.
الثاني: الموت الذي لا محيد عنه، قاله الحسن ومجاهد وقتادة.