قوله تعالى: { خَلَقَ الإنسان من نطفةٍ فإذا هو خصيم مبين }.
الخصيم المحتج في الخصومة، والمبين هو المفصح عما في ضميره.
وفي صفته بذلك ثلاثة أوجه:
أحدها: تعريف قدرة الله تعالى في إخراجه من النطفة المهينة إلى أن صار بهذه
الحال في البيان والمكنة.
الثاني: ليعرفه نعم الله تعالى عليه في إخراجه إلى هذه الحال بعدما خلقه من
نطفة مهينة.
الثالث: يعرفه فاحش ما ارتكب من تضييع النعمة بالخصومة في الكفر، قاله
الحسن. وذكر الكلبي أن هذه الآية نزلت في أُبي بن خلف الجمحي حين أخذ عظاماً
نخرة فذراها وقال: أنُعادُ إذا صرنا هكذا.
قوله عز وجل: { والأنعام خلقها لكم فيها دفءٌ } فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه اللباس، قاله ابن عباس.
الثاني: ما ستدفىء به من أصوافها وأوبارها وأشعارها، قاله الحسن.
الثالث: أن الدفء صغار أولادها التي لا تركب، حكاه الكلبي.
{ ومنافِعُ } فيها وجهان:
أحدهما: النسل، قاله ابن عباس.
الثاني: يعني الركوب والعمل.
{ ومنها تأكلون }يعني اللبن واللحم.
قوله عز وجل:{ ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون } يحتمل
وجهين:
أحدهما: أن الرواح من المراعي إلى الأفنية، والسراح انتشارها من الأفنية إلى
المراعي.
الثاني: أنه على عموم الأحوال في خروجها وعودها من مرعى أو عمل أو ركوب
وفي الجمال بها وجهان:
أحدهما: قول الحسن إذا رأوها: هذه نَعَمُ فلان، قاله السدي.
الثاني: توجه الأنظار إليها، وهو محتمل.
وقد قدم الرواح على السراح وإن كان بعده لتكامل درها ولأن النفس به أسَرُّ.
{ وتحمل أثقالكم إلى بلدٍ لم تكونوا بالغيه إلا بِشِقِّ الأنفس } في البلد قولان:
أحدهما: أنه مكة لأنها من بلاد الفلوات.
الثاني: أنه محمول على العموم في كل بلد مسلكه على الظهر.
{ إلا بشق الأنفس } فيه وجهان:
أحدهما: أنكم لولاها ما بلغتموه إلا بشق الأنفس.
الثاني: أنكم مع ركوبها لا تبلغونه إلا بشق الأنفس، فكيف بكم لو لم تكن.
وفي شق الأنفس وجهان:
أحدهما: جهد النفس، مأخوذ من المشقة.
الثاني: أن الشق النصف فكأنه يذهب بنصف النفس.