قوله عز وجل: { أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيؤا ظِلالُهُ } فيه أربعة
أوجه:
أحدها: يرجع ظلالُه، لأن الفيء الرجوع، ولذلك كان اسماً للظل بعد الزوال
لرجوعه.
الثاني: معناه تميل ظلاله، قاله ابن عباس.
الثالث: تدور ظلاله، قاله ابن قتيبة.
الرابع: تتحول ظلاله، قاله مقاتل.
{ عن اليمين والشمائل } فيه وجهان:
أحدهما: يعني تارة إلى جهة اليمين، وتارة إلى جهة الشمال، قاله ابن عباس.
لأن الظل يتبع الشمس حيث دارت.
الثاني: أن اليمين أول النهار، والشمال آخر النهار، قاله قتادة والضحاك.
{ سجداً لله } فيه ثلاث تأويلات:
أحدهما: أن ظل كل شيء سجوده، قاله قتادة.
الثاني: أن سجود الظلال سجود أشخاصها، قاله الضحاك.
الثالث: أن سجود الظلال كسجود الأشخاص تسجد لله خاضعة، قاله الحسن.
ومجاهد.
وقال الحسن: أما ظلك فيسجد لله، وأما أنت فلا تسجد لله، فبئس والله ما
صنعت.
{ وهم داخرون } أي صاغرون خاضعون، قال ذو الرمة:
فلم يبق إلا داخرُ في مخيس ومنحجر في غير أرضك حُجر
قوله عز وجل: { ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة
والملائكة } أما سجود ما في السموات فسجود خضوع وتعبد، وأما سجود ما في
الأرض من دابة فيحتمل وجهين:
أحدهما: أن سجوده خضوعه لله تعالى.
الثاني: أن ظهور ما فيه من قدرة الله يوجب على العباد السجود لله سبحانه.
وفي تخصيص الملائكة بالذكر، وإن دخلوا في جملة من في السموات
والأرض وجهان:
أحدهما: أنه خصهم بالذكر لاختصاصهم بشرف المنزلة فميزهم من الجملة
بالذكر وإن دخلوا فيها.
الثاني: لخروجهم من جملة من يدب، لما جعل الله تعالى لهم من الأجنحة
فلم يدخلوا في الجملة، فلذلك ذكروا.
وجواب ثالث: أن في الأرض ملائكة يكتبون أعمال العباد لم يدخلوا في جملة
ملائكة السماء فلذلك أفردهم بالذكر.
{ وهم لا يستكبرون } يحتمل وجهين:
أحدهما: لا يستكبرون عن السجود لله تعالى.
الثاني: لا يستكبرون عن الخضوع لقدرة الله.
{ يخافون رَبَّهم من فوقهم } فيه وجهان:
أحدهما: يعني عذاب ربهم من فوقهم لأن العذاب ينزل من السماء.
الثاني: يخافون قدرة الله التي هي فوق قدرتهم وهي في جميع الجهات.
{ ويفعلون ما يؤمرون } فيه وجهان:
أحدهما: من العبادة، قاله ابن عباس.
الثاني: من الانتقام من العصاة.