التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً
٢٣
إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً
٢٤
-الكهف

النكت والعيون

قوله عز وجل: { ولا تقولن لشيءإني فاعلٌ ذلك غداً } { إلا إن يشاء الله } قال الأخفش: فيه إضمار وتقديره: إلا أن تقول إن شاء الله، وهذا وإن كان أمراً فهو على وجه التأديب والإرشاد أن لا تعزم على أمر إلا أن تقرنه بمشيئة الله تعالى لأمرين:
أحدهما: أن العزم ربما صد عنه بمانع فيصير في وعده مخلفاً في قوله كاذباً، قال موسى عليه السلام
{ { ستجدني إن شاء الله صابراً } [الكهف: 70] ولم يصبر ولم يكن كاذباً لوجود الاستثناء في كلامه.
الثاني: إذعاناً لقدرة الله تعالى، وإنه مدبر في أفعاله بمعونة الله وقدرته.
الثالث: يختص بيمينه إن حلف وهو سقوط الكفارة عنه إذا حنث.
{ واذكر ربك إذا نسيت } فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنك إذا نسيت الشيء فاذكرالله ليذكرك إياه، فإن فعل فقد أراد منك ما ذكرك، وإلا فسيدلك على ما هو أرشد لك مما نسيته، قاله بعض المتكلمين.
الثاني: واذكر ربك إذا غضبت، قاله عكرمة، ليزول عنك الغضب عند ذكره.
الثالث: واذكر ربك إذا نسيت الاستثناء بمشيئة الله في يمينك. وفي الذكر المأمور به قولان:
أحدهما: أنه ما ذكره في بقية الآية { وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشداً }
الثاني: أنه قول إن شاء الله الذي كان نسيه عند يمينه.
واختلفوا في ثبوت الاستثناء بعد اليمين على خمسة أقاويل:
أحدها: أنه يصح الاستثناء بها إلى سنة، فيكون كالاستثناء بها مع اليمين في سقوط الكفارة ولا يصح بعد السنة، قاله ابن عباس.
الثاني: يصح الاستثناء بها في مجلس يمينه، ولا يصح بعد فراقه، قاله الحسن وعطاء.
الثالث: يصح الاستثناء بها ما لم يأخذ في كلام غيره.
الرابع: يصح الاستثناء بها مع قرب الزمان، ولا يصح مع بعده.
الخامس: أنه لا يصح الاستثناء بها إلا متصلاً بيمينه وهو الظاهر من مذهب مالك والشافعي رحمهما الله.