قوله عز وجل: { ... وجعلنا بينهم موبقاً } فيه ستة أقاويل:
أحدها: مجلساً، قاله الربيع.
الثاني: مهلكاً، قاله ابن عباس وقتادة والضحاك، قال الشاعر:
استغفر الله أعمالي التي سلفت من عثرةٍ إن تؤاخذني بها أبق
أي أهلك، ومثله قول زهير:
ومن يشتري حسن الثناء بماله يصن عرضَه من كل شنعاء موبق
قال الفراء: جعل تواصلهم في الدنيا مهلكاً في الآخرة.
الثالث: موعداً، قاله أبو عبيدة.
الرابع: عداوة، قاله الحسن.
الخامس: أنه واد في جهنم، قاله أنس بن مالك.
السادس: أنه واد يفصل بين الجنة والنار، حكاه بعض المتأخرين.
قوله عز وجل: { ورأى المجرمون النّار } يحتمل وجهين:
أحدهما: أنهم عاينوا في المحشر.
الثاني: أنهم علموا بها عند العرض.
{ فظنُّوا أنهم مُواقعوها } فيه وجهان:
أحدهما: أنهم أمّلوا العفو قبل دخولها فلذلك ظنوا أنهم مواقعوها
الثاني: علموا أنهم مواقعوها لأنهم قد حصلوا في دار اليقين وقد يعبر عن العلم
بالظن لأن الظن مقدمة العلم.
{ ولم يجدوا عنها مصرفاً } فيه وجهان:
أحدهما: ملجأ، قاله الكلبي.
الثاني: معدلاً ينصرفون إليه، قاله ابن قتيبة، ومنه قول أبي كبير الهذلي:
أزهير هل عن شيبةٍ من مصرِف أم لا خلود لباذل متكلفِ
وفي المراد وجهان:
أحدهما: ولم يجد المشركون عن النار مصرفاً.
الثاني: ولم تجد الأصنام مصرفاً للنار عن المشركين.