التفاسير

< >
عرض

فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً
٦
إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً
٧
وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً
٨
-الكهف

النكت والعيون

قوله عز وجل: { فلعلك باخعٌ نفسك على آثارهم } فيه وجهان:
أحدهما: قاتل نفسك، ومنه قول ذي الرُّمَّةِ:

ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه بشيء نحتَهُ عن يديك المقادِرُ

الثاني: أن الباخع المتحسر الأسِف، قاله ابن بحر.
{ على آثارهم } فيه وجهان:
أحدهما: على آثار كفرهم.
الثاني: بعد موتهم.
{ إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً } يريد إن لم يؤمن كفار قريش بهذا الحديث يعني القرآن.
{ أسفاً } فيه أربعة تأويلات:
أحدها: أي غضباً، قاله قتادة.
الثاني: جزعاً، قاله مجاهد.
الثالث: أنه غمّاً، قاله السدي.
الرابع: حزناً، قاله الحسن، وقد قال الشاعر:

أرى رجلاً منهم أسيفاً كأنما تضُمُّ إلى كشحيه كفّاً مخضبَّا

قوله عز وجل: { إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها } فيه خمسة أوجه:
أحدها: أنها الأشجار والأنهار التي زين الله الأرض بها، قاله مقاتل.
الثاني: أنهم الرجال لأنهم زينة الأرض، قاله الكلبي.
الثالث: أنهم الأنبياء والعلماء، قاله القاسم.
الرابع: أن كل ما على الأرض زينة لها، قاله مجاهد.
الخامس: أن معنى { زينة لها } أي شهوات لأهلها تزين في أعينهم وأنفسهم.
{ لنبلوهم أيهم أحْسَنُ عملاً } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أيهم أحسن إعراضاً عنها وتركاً لها، قاله ابن عطاء.
الثاني: أيهم أحسن توكلاً علينا فيها، قاله سهل بن عبد الله.
الثالث: أيهم أصفى قلباً وأهدى سمتاً.
ويحتمل رابعاً: لنختبرهم أيهم أكثر اعتباراً بها.
ويحتمل خامساً: لنختبرهم في تجافي الحرام منها.
قوله عز وجل: { وإنّا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً } في الصعيد ثلاثة أقاويل:
أحدها: الأرض المستوية، قاله الأخفش ومقاتل.
الثاني: هو وجه الأرض لصعوده، قاله ابن قتيبة.
الثالث: أنه التراب، قاله أبان بن تغلب.
وفي الجُرُز أربعة أوجه:
أحدها: بلقعاً، قاله مجاهد.
الثاني: ملساء، وهو قول مقاتل.
الثالث: محصورة، وهو قول ابن بحر.
الرابع: أنها اليابسة التي لا نبات بها ولا زرع قال الراجز:

قد جرفتهن السُّنون الأجراز