قوله تعالى: { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } الآية. في الفرق بين الخلْف
بتسكين اللام والخلف بتحريكها وجهان:
أحدهما: أنه بالفتح إذا خلفه من كان من أهله، وبالتسكين إذا خلفه من
ليس من أهله.
الثاني: أن الخلْف بالتسكين مستعمل في الذم، وبالفتح مستعمل في المدح
قال لبيد:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم وبقيت في خلفٍ كجلد الأجْرب
وفي هذا الخلف قولان:
أحدهما: أنهم اليهود من بعد ما تقدم من الأنبياء، قاله مقاتل.
الثاني: أنهم من المسلمين.
فعلى هذا في قوله { من بَعْدِهِم } قولان:
أحدهما: من بعد النبي صلى الله عليه وسلم، من عصر الصحابة وإلى قيام الساعة كما روى
الوليد بن قيس حكاه إبراهيم عن عبيدة.
الثاني: إنهم من بعد عصر الصحابة. روى الوليد بن قيس عن أبي سعيد
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَكُونُ بَعْدَ سِتِّينَ سَنَةً { خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ }" .
الآية.
وفي إضاعتهم الصلاة قولان:
أحدهما: تأخيرها عن أوقاتها، قال ابن مسعود وعمر بن عبد العزيز.
الثاني: تركها، قاله القرظي.
ويحتمل ثالثاً: أن تكون إضاعتها الإِخلال باستيفاء شروطها.
{ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً } فيه خمسة أقاويل:
أحدها: أنه واد في جهنم، قالته عائشة وابن مسعود.
الثاني: أنه الخسران، قاله ابن عباس.
الثالث: أنه الشر، قاله ابن زيد.
الرابع: الضلال عن الجنة.
الخامس: الخيبة، ومنه قول الشاعر:
فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره ومن يغو لا يعدم على الغي لائماً
من يغو: أي من يخب.