التفاسير

< >
عرض

وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً
٧١
ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً
٧٢
-مريم

النكت والعيون

قوله عز وجل: { وَإِنّ مِنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } فيه قولان:
أحدهما: يعني الحمى والمرض، قاله مجاهد. روى أبو هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود رجلاً من أصحْابه فيه وعك وأنا معه، فقال رسول الله:
"أَبْشِرْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: هِي نَارِي أُسَلِّطُهَا عَلَى عَبْدِي المُؤْمِنِ لِتَكُونَ حَظَّهُ مِنَ النَّارِ" أي في الآخرة.
الثاني: يعني جهنم. ثم فيه قولان:
أحدهما: يعني بذلك الكافرين يردونها دون المؤمن؛ قاله عكرمة ويكون قوله: { وَإِن مِّنْكُمْ } أي منهم كقوله تعالى: { وَسَقَاهُم رَبُّهُم شَرَاباً طَهُوراً } ثم قال: { إِنَّ هذَا كَانَ لَكُم جَزَاءً } أي لهم.
الثاني: أنه أراد المؤمن والكافر. روى ابن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
"الزَّالُّونَ وَالزَّالاَّت يَومَئذٍ كَثِيرٌ" وفي كيفية ورودها قولان:
أحدهما: الدخول فيها. قال ابن عباس: ليردنها كل بر وفاجر. لكنها تمس الفاجر دون البر. قال وكان دعاء من مضى: اللهم أخرجني من النار سالماً، وأدخلني الجنة عالماً.
والقول الثاني: أن ورود المسلم عليها الوصول إليها ناظراً لها ومسروراً بالنجاة منها، قاله ابن مسعود، وذلك مثل قوله تعالى:
{ { وَلَمَّا وَرَدَ مَآء مَدْيَنَ } } [القصص: 23] أي وصل. وكقول زهير بن أبي سلمى:

ولما وردن الماء زُرْقاً جِمامُه وضعن عِصيَّ الحاضر المتخيمِ

ويحتمل قولاً ثالثاً: أن يكون المراد بذلك ورود عرضة القيامة التي تجمع كل بر وفاجر:
{ كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً } فيه تأويلان:
أحدهما: قضاء مقتضياً، قاله مجاهد. الثاني: قسماً واجباً، قاله ابن مسعود.