قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمنُ
وُدّاً } فيه وجهان:
أحدهما: حباً في الدنيا مع الأبرار، وهيبة عند الفجار.
الثاني: يحبهم الله ويحبهم الناس، قال الربيع بن أنس: إذا أحب الله عبداً
ألقى له المحبة في قلوب أهل السماء، ثم ألقاها في قلوب أهل الأرض.
ويحتمل ثالثاً: أن يجعل لهم ثناء حسناً. قال كعب: ما يستقر لعبد ثناء في
الدنيا حتى يستقر من أهل السماء. وحكى الضحاك عن ابن عباس: أن هذه الآية
نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه جعل له ودّاً في قلوب المؤمنين.
قوله عز وجل: { قَوْماً لُّدّاً } فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: فجّاراً، قاله مجاهد.
الثاني: أهل إلحاح في الخصومة، مأخوذ من اللدود في الأفواه، فلزومهم
الخصومة بأفواههم كحصول اللدود في الأفواه، قاله ابن بحر.
قال الشاعر:
بغوا لَدَدَي حَنقاً عليَّ كأنما تغلي عداوة صدرهم في مِرجل
الثالث: جدالاً بالباطل، قاله قتادة، مأخوذ من اللدود وهو شديد
الخصومة. قال الله تعالى: { وَهُوَ الْخِصَامِ } وقال الشاعر:
أبيت نجياً للهموم كأنني أخاصم أقواماً ذوي جدلٍ لُدّا
قوله عز وجل: { وِكْزَاً } فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: صوتاً، قاله ابن عباس وقتادة والضحاك.
الثاني: حِسّاً، قاله ابن زيد.
الثالث: أنه ما لا يفهم من صوت أو حركة، قاله اليزيدي.