قوله تعالى: { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يرُدَّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ
كُفَّاراً } سبب نزولها، ما رُوِيَ أن نفراً من اليهود، منهم فنحاص، وزيد بن
قيس، دعوا حذيفة وعمار إلى دينهما، وقالوا نحن أهدى منكم سبيلاً،
فقال لهم عمار: وكيف نقض العهد عندكم؟ قالوا: شديد، قال عمار: فإني
عاهدت ربي ألا أكفر بمحمد أبداً، ولا أتبع ديناً غير دينه، فقالت اليهود: أما
عمار فقد صبأ وضل عن سواء السبيل، فكيف أنت يا حذيفة؟ فقال حذيفة: الله
ربي، ومحمد نبيي، والقرآن إمامي، أطيع ربي، وأقتدي برسولي، وأعمل
بكتاب ربي. فقالا: وإلهِ موسى، لقد أُشْرِبَتْ قلوبُكُما حبَّ محمد، فأنزل الله عز
وجل هذه الآية.
{ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَق } يعني من بعد ما تبين لليهود، أن محمداً نبي
صادق، وأن الإسلام دين حق.
{ فَاْعْفُوا وَاصْفَحُوا } يعني بقوله فاعفوا، أي اتركوا اليهود، واصفحوا عن
قولهم { حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ } يعني مَا أَذِنَ بِهِ في (بني قريظة)، من القتل
والسبي، وفي(بني النضير) من الجلاء والنفي.