قوله تعالى: { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُ
مِّن دِيَارِكُمْ } أما النفس فمأخوذة من النفاسة، وهي الجلالة، فنفس الإنسان أنفس
ما فيه، وأما الديار فالمنزل، الذي فيه أبنية المقام، بخلاف منزل الارتحال،
وقال الخليل: كل موضع حَلَّهُ قوم، فهو دار لهم، وإن لم يكن فيه أبنية.
فإن قيل: فهل يسفك أحد دمه، ويخرج نفسه من داره؟ ففيه قولان:
أحدهما: معناه لا يقتل بعضكم بعضاً، ولا يخرجه من داره، وهذا قول
قتادة، وأبي العالية.
والثاني: أنه القصاص الذي يقتص منهم بمن قتلوه.
وفيه قول ثالث: أن قوله "أنفسكم" أي إخوانكم فهو كنفس واحدة.
قوله تعالى: { تَظَاهَرُونَ عَليْهِم بالإثْمِ وَالعُدْوَانِ } يعني تتعاونون، والإثم
هو الفعل الذي يستحق عليه الذم، وفي العدوان قولان:
أحدهما: أنه مجاوزة الحق.
والثاني: أنه في الإفراط في الظلم.
{ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُم } وقرأ حمزة { أُسْرَى }. وفي الفرق بين
أَسْرَى وأُسَارَى قولان:
أحدهما: أن أَسْرَى جمع أسير، وأُسَارَى جمع أَسْرَى.
والثاني: أن الأَسْرى الذين في اليد وإنْ لم يكونوا في وَثَاق، وهذا قول أبي
عمرو بن العلاء، والأُسارَى: الذين في وَثَاق.