{ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى } ليس هذا سؤال استفهام، وإنما هو سؤال
تقرير لئلاّ يدخل عليه ارتياب بعد انقلابها حيةٌ تسعى.
{ قَالَ هِيَ عَصَايَ } فتضمن جوابه أمرين:
أحدهما: الإِخبار بأنها عصا وهذا جواب كافٍ.
الثاني: إضافتها إلى ملكه، وهذه زيادة ذكرها ليكفي الجواب بما سئل
عنه.
ثم أخبر عن حالها بما لم يُسأل عنه ليوضح شدة حاجته إليها واستعانته
بها لئلا يكون عابئاً بحملها، فقال: { أَتَوكَّؤُاْ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَ عَلَى غَنَمِي }
أي أخبط بها ورق الشجر لترعاه غنمي. قال الراجز:
أهش بالعصا على أغنامي من ناعم الأراك والبشام.
وقرأ عكرمة "وأهس" بسين غير معجمة. وفي الهش والهس وجهان:
أحدهما: أنهما لغتان معناهما واحد.
والثاني: أن معناهما مختلف، فالهش بالمعجمة: خبط الشجر، والهس
بغير إعجام زجر الغنم.
{ وَلِيَ فِيهَا مَئَارِبُ أُخْرَى } أي حاجات أخرى، فنص على اللازم وكنّى
عن العارض، وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه كان يطرد بها السباع، قاله مقاتل:
الثاني: أنه كان يَقْدَحُ بها النار، ويستخرج الماء بها.
الثالث: أنها كانت تضيء له بالليل، قاله الضحاك.