التفاسير

< >
عرض

أَوَلَمْ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ
٣٠
وَجَعَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
٣١
وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ
٣٢
وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ
٣٣
-الأنبياء

النكت والعيون

قوله عز جل: { أَنَّ السَّموَاتِ وَألأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا } فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: أن السموات والأرض كانتا ملتصقتين ففتق الله بينهما بالهواء، قاله ابن عباس.
الثاني: أن السموات كانت مرتتقة مطبقة ففتقها الله سبع سموات وكانت الأرض كذلك ففتقها سبع أرضين، قاله مجاهد.
الثالث: أن السموات كانت رتقاً لا تمطر، والأرض كانت رتقاً لا تنبت، ففتق السماء بالمطر، والأرض بالنبات، قاله عكرمة، وعطية، وابن زيد.
والرتق سدُّ، والفتق شق، وهما ضدان، قال عبد الرحمن بن حسان:

يهون عليهم إذا يغضبو ن سخط العداة وإرغامُها

ورتق الفتوق وفتق الرتو
ق ونقض الأمور وإبرامها

{ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ } فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن خلق كل شيء من الماء، قاله قتادة.
الثاني: حفظ حياة كل شيء حي بالماء، قاله قتادة.
الثالث: وجعلنا من ماء الصلب كل شيء حي، قاله قطرب.
{ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ } يعني أفلا يصدقون بما يشاهدون.
قوله تعالى: { وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ } والرواسي الجبال، وفي تسميتها بذلك وجهان:
أحدهما: لأنها رست في الأرض وثبتت، قال الشاعر:

رسا أصله تحت الثرى وسما به إلى النجم فرعٌ لا يزال طويل

الثاني: لأن الأرض بها رست وثبتت. وفي الرواسي من الجبال قولان:
أحدهما: أنها الثوابت: قاله قطرب.
الثاني: أنها الثقال قاله الكلبي.
{ أَن تَمِيدَ بِهِم } فيه وجهان:
أحدهما: لئلا تزول بهم.
الثاني: لئلا تضطرب بهم. الميد الاضطراب.
{ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً } في الفجاج وجهان: أحدهما: أنها الأعلام التي يهتدى بها.
الثاني: الفجاج جمع فج وهو الطريق الواسع بين جبلين. قال الكميت:

تضيق بنا النجاح وهنّ فج ونجهل ماءها السلم الدفينا

{ لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } فيه وجهان:
أحدهما: سبل الاعتبار ليهتدوا بالاعتبار بها إلى دينهم.
الثاني: مسالك ليهتدوا بها إلى طرق بلادهم.
قوله تعالى: { وَجَعَلْنَا السَّمَآءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: محفوظاً من أن تسقط على الأرض.
الثاني: محفوظاً من الشياطين، قاله الفراء.
الثالث: بمعنى مرفوعاً، قاله مجاهد.
ويحتمل رابعاً: محفوظاً من الشرك والمعاصي.
قوله عز وجل: { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ والْقَمَرَ كُلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } فيه قولان:
أحدهما: أن الفلك السماء، قاله السدي.
الثاني: أن القطب المستدير الدائر بما فيه من الشمس والقمر والنجوم ومنه سميت فلكة المغزل لاستدارتها، قال الشاعر:

باتت تقاسي الفلك الدّوار حتى الصباح تعمل الأقتار

وفي استدارة الفلك قولان:
أحدهما: أنه كدوران الأكرة.
الثاني: كدوران الرحى قاله الحسن، وابن جريج.
واختلف في الفلك على ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه السماء تدور بالشمس والقمر والنجوم.
الثاني: أنه استدارة في السماء تدور فيها النجوم مع ثبوت السماء، قاله قتادة.
الثالث: أنها استدارة بين السماء والأرض تدور فيها النجوم، قاله زيد بن أسلم.
{ يَسْبَحُونَ } وجهان:
أحدهما: يجرون، قاله مجاهد.
الثاني: يدورون قاله ابن عباس، فعلى الوجه الأول يكون الفلك مديرها، وعلى الثاني تكون هي الدائرة في الفلك.