التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
٥
ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٦
وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي ٱلْقُبُورِ
٧
-الحج

النكت والعيون

قوله عز وجل: { يَأَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنْتُم فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ } يعني آدم.
{ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } يعني ولده.
{ ثُمَّ مِن عَلَقَةٍ } يعني أن النطفة تصير في الرحم علقة.
{ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ } يعني أن العلقة تصير مضغة، وذلك مقدار ما يمضع من اللحم.
{ مُّخَلَّقَةٍ وَغِيْرِ مُخَلَّقَةٍ } فيه أربعه تأويلات:
أحدها: أن المخلقة ما صار خلقاً، وغير مخلقة ما دفعته الأرحام من النطف فلم يصير خلقاً، وهو قول ابن مسعود.
والثاني: معناه تامة الخلق وغير تامة الخلق، وهذا قول قتادة.
والثالث: معناه مصورة وغير مصورة كالسقط، وهذا قول مجاهد.
والرابع: يعني التام في شهوره، وغير التام، قاله الضحاك، قال الشاعر:

أفي غير المخلقة البكاءُ فأين العزم ويحك والحَياءُ

{ لِّنُبيِّنَ لَكُمْ } يعني في القرآن بدء خلقكم وتنقل أحوالكم.
{ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلّى أَجَلٍ مُّسَمًّى } قال مجاهد: إلى التمام.
{ ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ } وقد ذكرنا عدد الأشُدّ.
{ وَمِنْكُم مَّن يُتَوَفّى } فيه وجهان:
أحدهما: يعني قبل أن تبلغ إلى أرذل العمر.
والثاني: قبل بلوغ الأَشُدّ.
{ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: الهرم، وهو قول يحيى بن سلام.
والثاني: إلى مثل حاله عند خروجه من بطن أمّه، حكاه النقاش.
والثالث: ذهاب العقل، قاله اليزيدي.
{ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً } فيه وجهان:
أحدهما: لا يستفيد علماً ما كان به عالماً.
الثاني: لا يعقل بعد عقله الأول شيئاً.
ويحتمل عندي وجهاً ثالثاً: أنه لا يعمل بعد علمه شيئاً، فعبر عن العمل بالعلم [لافتقاره إليه لأن تأثير الكبر في العمل أبلغ من تأثيره في العلم].
{ وتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً } فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: غبراء، وهذا قول قتادة.
والثاني: يابسة لا تنبت شيئاً، وهذا قول ابن جريج.
والثالث: أنها الدراسة، والهمود: الدروس، ومنه قول الأعشى:

قالت قتيلة ما لجسمك شاحباً وأرى ثيابك باليات همَّدا

{ فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ } وفي { اهْتَزَّتْ } وجهان:
أحدهما: معناه أنبتت، وهو قول الكلبي.
والثاني: معناه اهتز نباتها واهتزازه شدة حركته، كما قال الشاعر:

تثني إذا قامت وتهتز إن مشت كما اهتز غُصْن البان في ورق خضرِ

{ وَرَبَتْ } وجهان:
أحدهما: معناه أضعف نباتها.
والثاني: معناه انتفخت لظهور نباتها، فعلى هذا الوجه يكون مقدماً ومؤخراً وتقديره: فإذا أنزلنا عليها الماء رَبتْ واهتزت، وهذا قول الحسن وأبي عبيدة، وعلى الوجه الأول لا يكون فيه تقديم ولا تأخير.
{ وَأَنْبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } فيه وجهان:
أحدهما: يعني من كل نوع، وهو قول ابن شجرة.
والثاني: من كل لون لاختلاف ألوان النبات بالخضرة والحمرة والصفرة.
{ بَهِيجٍ } يعني حسن الصورة.