التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ
١١
-النور

النكت والعيون

قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُو بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ } في الإِفك وجهان:
أحدهما: أنه الإِثم، قاله أبو عبيدة.
الثاني: أنه الكذب. قال الشاعر:

شهيدٌ على الإِفك غَيْرِ الصَّوابِ وما شَاهِدُ الإِفك كَالأَحْنَفِ

{ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ } وهم زعماء الإِفك، حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وعبد الله بن أبي بن سلول وزيد بن رفاعة وحمنة بنت جحش، وسبب الإفك أن عائشة رضي الله عنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة المريسيع وهي غزوة بني المصطلق سنة ست فضاع عقد لها من جزع أطفار وقد توجهت لحاجتها فعادت في طلبه ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من منزله فَرُفِعَ هودجها ولم يُشْعَرْ بها أنها ليست فيه لخفتها وعادت فلم تر في المنزل أحداً فأدركها صفوان بن المعطل فحملها على راحلته وألحقها برسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم فيها وفي صفوان من تكلم وقدمت المدينة وانتشر الإِفك وهي لا تعلم به ثم علمت فأخذها من ذلك شيء عظيم إلى أن أنزل الله براءتها بعد سبعة وثلاثين يوماً من قدوم المدينة هذه الآية.
و { لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } أي لا تحسبواْ ما ذكر من الإِفك شراً لكم بل هو خير لكم لأن الله قد بَرَّاً منه وأبان عليه.
وفي المراد بهذا القول قولان:
أحدهما: أن المقصود به عائشة وصفوان لأنهما قصدا بالإِفك، قاله يحيى ابن سلام.
الثاني: أن المقصود به النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعائشة رضي الله عنهما، قاله ابن شجرة.
{ لِكُلِّ امْرِىءٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ } أي له عقاب ما اكتسب من الإِثم بقدر إِثمه.
{ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ } الآية قرىء بكسر الكاف وضمها، وفي الفرق بينما وجهان:
أحدهما: أن كبره بالضم معظمه وبالكسر مأثمه.
الثاني: أنه بالضم في النسب وبالكسر في النفس.
وفي متولي كبره قولان:
أحدهما: أنه عبد الله بن أبيّ، والعذاب العظيم جهنم، وهذا قول عائشة وعروة بن الزبير وابن المسيب.
الثاني: أنه مسطح بن أثاثة، والعذاب العظيم ذهاب بصره في الدنيا:
حكاه يحيى بن سلام.