قوله: { قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ... } الآية، هذا قول سليمان للهدهد قال ابتلي
فاختبر من ذلك فوجده صادقاً.
{ اذْهَبِ بِّكِتَابِي هَذَا إِلَيهِمْ } قال مجاهد أخذ الهدهد الكتاب بمنقاره
فأتى بهوها فجعل يدور فيه فقالت ما رأيت خيراً منذ رأيت هذا الطير في بهوي فألقى
الكتاب إليها.
قال قتادة: فألقاه على صدرها وهي نائمة، قال يزيد بن رومان: كانت في ملك
من مضى من أهلها وقد سيست وساست حتى أحكمها ذلك.
{ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ } قال ابن عباس كن قريباً منهم.
{ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ }
فيه تقديم وتأخير تقديره فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون
ثم تول عنهم، حكاه ابن عيسى، وقاله الفراء.
قوله: { قَالَتْ يَآ أَيُّهَأ المَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِليَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ } وفي صفتها الكتاب أنه
كريم، أربعة أوجه:
أحدها: لأنه مختوم، قاله السدي.
الثاني: لحسن ما فيه، قاله قتادة.
الثالث: لكرم صاحبه وأنه كان ملكاً، حكاه ابن بحر.
الرابع: لتسخير الهدهد به بحمله.
ويحتمل خامساً: لإلقائه عليها عالياً من نحو السماء.
قوله تعالى: { إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ } الآية، أما قولها إنه من سليمان فلإعلامهم مرسل
الكتابي وممن هو.
وأما قولها: { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } فلاستنكار هذا الاستفتاح الذي لم
تعرفه هي ولا قومها لأن أول من افتتح { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } سليمان.
روى ابن بريدة عن أبيه قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
"إِنِّي لأَعْلَمُ آيَةً لَمْ تَنْزِلْ عَلَى نَبِيٍ قَبْلِي بَعْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ" ،قال: قلت يا رسول الله
أي آية هي؟ قال: " سَأُعَلِّمُكَهَا قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ" قال: فانتهى إلى الباب
فأخرج إحدى قدميه فقلت: نسي ثم التفت إليّ فقال: "إِنَّهُ مِنْ سُلَيمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" .
حكى عاصم عن الشعبي قال: كَانَتْ كُتُبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة كتب كان
يكتب: باسمك الله، فلما نزلت { { بِسْمِ اللَّهِ مَجْرِيهَا } [هود: 41] كتب: باسم
الله، فلما نزلت { { قُلِ ادْعُواْ اللَّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ } [الإِسراء: 110] كتب: باسم
الله الرحمن، فلما نزلت { إِنَّهُ مِن سُلَيمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ } كتب:
بسم الله الرحمن الرحيم. قال عاصم قلت للشعبي أنا رأيت كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } قال ذلك الكتاب الثالث.
وأما قوله: { ألا تعلواْ عليَّ وأتوني مسلمين } فهذه كتب الأنباء موجزة مقصورة
على الدعاء إلى الطاعة من غير بسط ولا إٍسهاب.
وفي { أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ } ثلاثة أقاويل:
أحدها: لا تخالفوا عليّ، قاله قتادة.
الثاني: لا تتكبروا علي، قاله السدي وابن زيد.
الثالث: لا تمتنعوا عليّ، قاله يحيى بن سلام.
{ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } فيه أربعة تأويلات:
أحدها: مستسلمين، قاله الكلبي.
الثاني: موحدين، قاله ابن عباس.
الثالث: مخلصين، قاله زهير.
الرابع: طائعين، قاله سفيان.