قوله تعالى: { فَأَصْبَحَ في الْمَدِينَةِ خَائِفَاً يَتَرَقَّبُ } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: خائفاً من قتل النفس أن يؤخذ بها.
الثاني: خائفاً من قومه.
الثالث: خائفاً من الله.
{ يََتَرَقَّبُ } فيه وجهان:
أحدهما: يتلفت من الخوف، قاله ابن جبير.
الثاني: ينتظر.
وفيما ينتظر فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: ينتظر الطلب إذا قيل إن خوفه كان من قتل النفس.
الثاني: ينتظر أن يسلمه قومه إذا قيل إن خوفه منهم.
الثالث: ينتظر عقوبة الله إذا قيل إن خوفه كان منه.
{ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ } يعني الإسرائيلي الذي كان قد
خلصه بالأمس ووكز من أجله القبطي فقتله، استصرخه واستغاثه على رجل آخر من
القبط خاصمه.
{ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ } فيه قولان:
أحدهما: أنه قال ذلك للإسرائيلي لأنه قد أغواه بالأمس حتى قتل من أجله
رجلاً ويريد أن يغويه ثانية.
الثاني: أنه قال ذلك للقبطي فظن الإسرائيلي أنه عناه فخافه، قاله ابن عباس.
{ فلَمَّآ أَنْ أَرادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا... } وهو القبطي لأن موسى
أخذته الرقة على الإسرائيلي فقال الإسرائيلي:
{ قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأَمْسِ } فيه قولان:
أحدهما: أن الإسرائيلي رأى غضب موسى عليه وقوله إنك لغوي مبين، فخاف
أن قتله فقال: { أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأَمْسِ }.
الثاني: أن الإسرائيلي خاف أن يكون موسى يقتل القبطي فيقتل به الإسرائيلي
فقال ذلك دفعاً لموسى عن قتله، قاله يحيى بن سلام: قال يحيى: وبلغني أن هذا
الإسرائيلي هو السامري.
وخلى الإسرائيلي القبطي فانطلق القبطي وشاع أن المقتول بالأمس قتله
موسى.
{ ... إلاَّ تَكُونَ جَبَّارا فِي الأَرْضِ } قال السدي: يعني قتالاً.
قال أبو عمران الجوني: وآية الجبابرة القتل بغير [حق].
وقال عكرمة: لا يكون الإنسان جباراً حتى يقتل نفسين [بغير حق].
{ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ المُصْلِحِينَ } أي وما هكذا يكون الإصلاح.