التفاسير

< >
عرض

قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ
١٣٧
هَـٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ
١٣٨
وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ
١٣٩
إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ ٱلأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ
١٤٠
وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ ٱلْكَافِرِينَ
١٤١
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ
١٤٢
وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ ٱلْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ
١٤٣
-آل عمران

النكت والعيون

{ قَد خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ } فيه قولان:
أحدهما: أنه سنن من الله في الأمم السالفة أهلكهم بها.
والثاني: يعني أنهم أهل سنن كانوا عليها في الخير والشر، وهو قول الزجاج، وأصل السنة الطريقة المتبعة في الخير والشر، ومنه سنة النبي صلى الله عليه وسلم، قال لبيد بن ربيعة:

من معشر سنت لهم آباؤهم ولكل قوم سُنَّةٌ وإمامها

وقال سليمان بن فيد:

فإن الألى بالطف من آل هاشمٍ تآسَواْ فسنوا للكرام التآسيا

{ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ } فيه قولان:
أحدهما: أنه القرآن، وهذا قول الحسن، وقتادة.
والثاني: أنه ما تقدم ذكره في قوله تعالى: { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ } الآية، وهذا قول ابن إسحاق.
{ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ } نور وأدب.
{ إِن يَمْسَسْكُم قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ } يعني أن يصيبكم قرح، قرأ أبو بكر عن عاصم، وحمزة، والكسائي بضم القاف، وقرأ الباقون بفتحها، وفيها قولان:
أحدهما: أنها لغتان ومعناهما واحد.
والثاني: أن القرح بالفتح: الجراح، وبالضم ألم الجراح، وهو قول الأكثرين.
وأما الفرق بيت المس واللمس فهو أن اللمس مباشرة بإحساس، والمس مباشرة بغير إحساس، وهذا ما ذكره الله تعالى للمؤمنين تسلية لهم فإن أصابهم يوم أحد قرح فقد أصاب المشركين يوم بدر مثله.
{ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُها بَينَ النَّاسِ } قال الحسن، وقتادة: أي تكون مرة لفرقة، ومرة عليها والدولة: الكرة، يقال أدال الله فلاناً من فلان بأن جعل الكرة له عليه.
{ وَليُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ ءَآمَنُوا } فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: معناه ليبتلي، وهذا قول ابن عباس.
والثاني: يعني بالتمحيص تخليصه من الذنوب، وهو قول أبي العباس والزجاج، أصل التمحيص عندهما التخليص.
والثالث: معناه وليمحص الله ذنوب الذين آمنوا، وهو قول الفراء { وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ } قال ابن عباس: ينقصهم.
{ وَلَقَدْ كُنتُم تَمنَّونَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ } قيل تمنى الموت بالجهاد من لم يحضر بدراً، فلما كان أحد أعراض كثير منهم فعاتبهم الله تعالى على ذلك، هكذا قال الحسن وقتادة ومجاهد.
{ فَقَدْ رَأَيتُمُوهُ وَأَنتُم تَنظُرُونَ } فيه قولان:
أحدهما: يعني فقد علمتموه.
والثاني: فقد رأيتم أسبابه.